الملائكة في الحروب
الغزوة |
الآية |
المسلمين |
الملائكة |
الشهداء |
المشركين |
الخسائر |
بدر |
الأنفال: 5 – 65 آل عمران: 121-124 |
314 |
3000 |
14 |
1000 |
140 |
أحد |
آل عمران: 125 الأنفال: 12 |
570 |
5000 |
70 |
3000 |
23 |
الخندق |
الأحزاب: 9-25 |
3000 |
— |
9 |
10000 |
4 |
حنين |
التوبة: 25 – 26 |
12000 |
— |
4 |
30000 |
50 |
في سورة آل عمران يقول الحق U { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ۗ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَ اللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122) وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (122)…. وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَ تَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ عَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَ لَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) ۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَ لَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ۖ وَ طَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوكَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوكُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَ لِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَ لِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}آل عمران: 123-154.
كتاب الله دوماً يخاطب قوماً يعقلون و يتفكرون.. فهل الملائكة الكرام ينزلون إلى أرض القتال بمعنـى يتدخلون في القتال.. يوم معركة بدر جيش المسلمين كان 314 جندياً و الملائكة الكرام الذين نزلوا يوم بدر عددهم 3000 ملك.. لو أن الملائكة حاربوا فعلاً فيجب أن يتفرغ كل ثلاث ملائكة على عدو واحد.. أيْ ثلاثة إلى واحد.. فيجب أن لا يبقى أيّ أحد من الجيش المعتدي بخلال دقائق.. دور ثلاثة آلاف ملك بشهادة النص القرآني {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ} آل عمران: 124.. في الجيش المعتدي و الذين هم أقل من ألف جندي إنسان.. ينحصر في التالي:
· التحضيرات لمعركة بدر في كتاب الله:
1. {وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَ يَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} تحديد ماهية العدو و اختيار الزمان و المكان من الحق I.
2. {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} الانطلاق إلى الغزوة على مسافة 200 كيلومتر و في السابع عشر من شهر رمضان.
3. {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} بشارة المؤمنين بالدعم و المساندة بألف من الملائكة و بالنصر من قبل أن تبدأ المعركة.
4. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَ مَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَو مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَ مَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ} وضع الشروط و القواعد الخاصة بالقتال.
5. شرط التمركز و التخطيط للمعركة.. أراد ﷺ أن يتمركز قريباً من العدوة القصوى.. الحباب بن المنذر t صحابي جليل نظر أن موقع التمركز غير صحيح من الناحية العسكرية.. فمن يقول إنّ رسول الله ﷺ ما ينطق عن الهوى في أمور الدنيا كلامه مردود بهذا الدليل و غيره.. فالحباب بن المنذر يسأله “هل هذا وحي أم هذا من عندك؟”.. فسأل t “هل هي الحرب و المكيدة و الخدعة أم هذا وحي من عند الله؟”.. فقال له رسول الله e بكل شفافية، و بساطة: الحرب، الخدعة و المكيدة.. إذاً هنا يقول e بكل بساطة: ليس وحيٌ يوحى.. و ليس من عند الله.. هذه إشارة واضحة أنّه هنالك بعض التصرفات و بعض الأقوال يقولها من عنده e طبعاً.. فأصل كلمة “ينطق” في قولنا (الناطق الرسمي) من يتحدث باسم الجهة المسؤولة التي سمحت له ينطق باسمها.. بعدها يعود الناطق الرسمي كشخص عادي.. {وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَ كَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} الأحزاب: 37.
العدوة القصوى عبارة عن صخور مكسّرة مفتتة من الصعب القتال أو الحركة عليها.. فقال الحباب بن المنذر نتمركز بالعدوة الدنيا.. و العدوة الدنيا منطقة رملية إذا سكبنا الماء فوق الرمال تتماسك و يصبح السير سهلاً عليها.. فتنزل الآية مؤيدة لقوله {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ لَو تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَ لَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا}..
6. {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَ يَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ۗ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} تم تحديد من كتَبَ الله لهم الشهادة في هذه المعركة الفاصلة.
7. قبل أن تبدأ المعركة {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}.. فالنعاس هو النوم العميق.. و هذا من ضمن الخطة العسكرية الإنسانية و التجهيز للمعركة بين الجيشين الإنسانيين و ليست الملائكية.. فالملائكة لا تحتاج إلى النوم.
8. رفع الروح المعنوية للقائد قبل الروح المعنوية للمقاتلين.. {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَ لَو أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.. رأى الجيش المعتدي قليلاً طبعاً.. من الرسول e القائد العسكري.. و لو أراكهم كثيراً بهذه البساطة لفشلتم و خسرتم المعركة بالرغم من وجود 3000 ملَك، و من ثم يرى جنود الجيش المعتدي المؤمنين قِلة {وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}.
9. تجهيـز أرض المعركة {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} فمعظم المقاتلين المؤمنين مشاة و الأرض رملية.. لذلك رشّهم تعالى بالماء.. ليطهرهم به و يذهب عنهم رجز الشيطان الكسل و الملل و التعب و يثبت به الأقدام، فبوضع الماء على الرمل يصبح صلباً و تثبت به الأقدام.. بالرغم من هذه الآيات كلها فالملائكة ستنزل.
10. و عند اصطفاف الصفوف {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَ اصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.. يبدأ الذكر و التآزر و التعاضد بين الجنود.
11. و يبدأ تثبيط العدو {وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} و يزعزعهم من الداخل.
12. و للحق U تأييد كبـير في هذه الغزوة لرسوله e و أصحابه الكرام {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَ مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
13. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَ إِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ}.. و من هنا حدد الحق I نسبة القتلى من الطرفين 1: 10.. و كانت النتيجة 14 شهيد مقابل 140 من المشركين 70 قتيل و70 أسير.
14. في المعركة طلب الله من جنوده المؤمنين من الناس أن يستخدموا مع العدو في المعركة (القتل الرحيم) و ليس التمثيل و التشويه.. {.. فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}.. فاضربوا فوق الأعناق.. فوق البصلة السيسائية أو النخاع المستطيل (باللاتينية: Medulla oblongata) و هو أخفض جزء عند دماغ الفقاريات، يستمر بالنخاع الشوكي، ضربة صغيرة يكون الموت الرحيم على العدو، و الضرب عل البنان لمن يريد الاستسلام.
· الآن ما هو دور الملائكة في معركة بدر:
أولاً: حينما عرف الصحابة رضي الله عنهم انّه يوجد في ساحة المعركة ثلاثة آلاف ملَك، فهذا رفع روحهم المعنوية جداً للقتال.. {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}.. فالحق يوجه الملائكة الكرام أنّ مهمتكم أنْ تثبتوا الذين آمنوا و لم يكن في الآية الكريمة فقاتلوا الذين كفروا.. فيجب أن نعلم أولا بأن الملائكة ليسوا كالإنسان، فهم لا يسفكون الدماء، (الأعناق) جمع عنق، و العنق هو ضربٌ من السير فسيحٌ للإبل أو الخيل أو ما شابه ذلك، و هذا يعني سيروا فوق المجموعات من الدواب التي كان يركبها المحاربون ليتشتتّ جمعهم من الرعب، (بنان) جذرها اللغوي هو فعل بنى، فبنان مصدر لفعل بنى، {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} أيْ قادر على أن يسوّي بنياننا الجسماني كما كان عليه في الحياة الدنيا، فكلمة بنان تعني بنيان، و هو كل ما يبنيه الإنسان، و عندما تكون حرباً، يقوم الجيش ببناء الخيم و ما شابه ذلك، فيصح المعنى فرقّوا جمعهم و هدّموا بنيانهم أي خيمهم، و كل ما بنوه، بنفخ ريح مثلاً أو إعصار حتى يُرعبوا فيتفرقوا، و هذا ما أراده I.. فدلالة فعل (ضرب) هي فعل الشيء عكس ما كان عليه.
ثانياً: لهذا الملائكة الكرام نزلت لأجل حماية الجنود المسلمين.. ففي يوم بدر جيش المسلمين 314 جندياً و الملائكة الكرام 3000 منزلين أيْ 10 من الملائكة لتغطية كل جندي مسلم.. و 14 جندياً بدون تغطية.. {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ}.. و كان عدد الشهداء 14 فقط.. و عدد القبور قي بدر 13.. فأحد الشهداء كان جريحاً و توفي في طريق عودته إلى المدينة المنورة و قبره على بعد عدة كيلومترات من المقبرة.
· التحضيرات لغزوة أحد:
1. {وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ليس القتال فوضوياً.. إذاً هو خطط عسكرية مدروسة من قبل الناس و ليس من قبل الملائكة.. و قد كلّف الرسول e بعض الصحابة رضي الله عنهم في البقاء على جبل الرماة كجزء من الخطة.
2. {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}.. يكشف الحق I للمسلمين.. أنه أمدّهم بـ 3000 ملَك في غزوة بدر.. و يبشرهم أنه سيمدهم بـ 5000 ملَك في غزوة أحد.. كل جندي بتغطية 10 من الملائكة… و يبقى 70 بدون تغطية.. حيث عدد المسلمين كان 570 جندياً.. و الصحابي لا يعلم هل هو ضمن التغطية أو لا.
3. {قُل لَّوكُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ}.. و من هنا يتضح أن من كتب الله لهم الشهادة.. حتى لو بقوا في بيوتهم و لم يخرجوا للقتال لماتوا بأمر الله.
4. {وَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} و ينحصر دور الملائكة الكرام بالطمأنينة و التثبيت للجنود المسلمين و النصر من عند الله العزيز الحكيم.
5. و تبدأ المعركة و يظهر تقدم المسلمين و النصر {وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ} و هو تحقيق لوعد الله لهم و بدأ القتل في الجيش المعتدي.
6. معركة أحد لم تجر في ساحة مفتوحة و كانت في جيب جبل صغير ضمن جبل أحد.. أيْ مساحة صغيرة محصورة.. و فيها 5000 ملك.. المؤمنين خسروا المعركة.. و كان رسول الله e جريح حرب.. فحينما التف خالد بن الوليد من خلف جبل الرماة مع قلة من الفرسان.. الملائكة لم يتصدوا إلى هذا الالتفاف أو على الأقل أن يُعلِموا رسول الله e بهذا الالتفاف.. فالخمسة آلاف ملَك يأخذون أوامرهم من الله مباشرة.. و هذا دليل على أن الملائكة ليس لهم علاقة في القتال و إلا كان يجب صدّ التفاف خالد بن الوليد t.
7. كانت الخسارة لأن الرماة لم ينفذوا أوامر القائد e.. {… حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَ تَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ عَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَ لَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.. ماذا يحبون.. يحبون النصر الذي كان في البداية.. فأراهم الله النصر.. و تنازعوا في الأمر.. ففشلتم و تنازعتم في الخطة العسكرية الإنسانية و ليست الخطة الإلهية الملائكية فعليكم أن تخسروا المعركة.
8. {وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ…} إذ تحسّونهم بإذنه هو القتل الرحيم.
· نزول الملائكة في غزوة الخندق:
و مرّةً أخرى يأخذ الرسول e برأي صحابته الآخرين في القتال طبعاً.. فيوم الخندق رسول الله e أخذ برأي سلمان الفارسي t بحفر الخندق و كان يقول أيها الناس أشيروا عليّ.. فأشار عليه سلمان t بحفر الخندق.. فنفّذ و حفر الخندق.
في غزوة الخندق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} الأحزاب: 9.. فما دام الملائكة جنود و أمام جيش المشركين و لم يحصل قتل على الإطلاق في يوم الخندق.. و قاموا بعملية فكّ الحصار فقط.. فالواضح أن الجنود هنا غير محاربين و كانت العملية هي فكّ الحصار بحيث جعلوا جيش المشركين يهرب في الليل.. إذ قامت الريح و جنوداً لم يروها الصحابة.. مع أنهم كانوا مدججين بالسلاح و جاءوا بخطة عسكرية.. فالملائكة لم تحارب في غزوة الخندق مع العلم أنه {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ إِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}.. يعني معركة شديدة جداً مع ذلك لم يكن هناك خسائر إنسانية {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَ كَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} الأحزاب: 25.. لهذا يمكن أن نسمي الملائكة هنا هم جنود السكينة.. و تكون الملائكة نزلت هنا للسكينة و الطمأنينة {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الأنفال: 10.
· نزول الملائكة في غزوة حنين:
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَ ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَ عَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} التوبة: 25 – 26 إذاً عذّبَ و لم يقتل الذين كفروا.. فالواضح أن يوم حنين الملائكة لم تقاتل، بل نزلت بالسكينة فقط.
· نزول الملائكة في يوم الهجرة:
في يوم الهجرة {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة: 40.. فالجنود و الملائكة التي كانت على الغار لم تقتل الذين كفروا.. و هناك قال رسول الله e لصاحبه أبوبكر الصديق t و أرضاه أربع كلمات “لا تحزن إن الله معنا”.. و القول “ما ظنك باثنين الله ثالثهما” لم ترد في القرآن الكريم.. فالملائكة غايتها فقط السكينة و إن كانت الجنود جنوداً لم يرها أحد.
وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا.. و في ختام الآيات نجد أن الفعل (علِم) في القرآن يأتي بمعنى أثبت بالتجربة و الأدلة.. و مثله قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} المائدة: 94، فالله I عليم بكل ما كان و يكون، و لإثبات هذه حالة جرى ما أجراها الله من الابتلاء.. و كذلك في قوله تعالى {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَ اللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} آل عمران: 140، و عكس الفعل (علِم) في القرآن لكريم هو (الظنّ).