أليس من العجيب أنْ نجد أوّل سورة في القرآن الكريم سورة البقرة!! فبسبب الإعلام كانت معابد بنـي إسرائيل في عهد موسى u و التـي يرأسها السّامري تحتوي على البقرة (حتحور) و العجل (أبيس).. فقد انحرف بنو إسرائيل عن عقيدة التوحيد التـي دعا إليها يوسف u.. و عبدوا البقر بطبيعة تأثير حكم القويّ على الضعيف.. و لا يذكرون هذا الانحراف في كتبهم، حيث كان الفراعنة يعبدون آمون و يجعلون الثعبان شعاراً لهم في معابدهم.. و لأُقرّب لكم الصورة شاهد مقاطع الفيديو لمن يعبدون البقر في الهند في هذا العصر.. فهم يعتبـرون البقرة آلهة و يعبدونها من دون الله.. و تخيّل لو جمعك الله مع هذا العابد في هذا الزمن و أردت أنْ تذبح له بقرة!! هو لن يرضي أبداً بهذا العمل.. بـني إسرائيل عبدوا البقرة حتحور و العجل أبيس بعد يوسف u.. فأراد الله I أن يطهرهم من هذا الانحراف العقدي.. فحدث أنْ قُتِل أحد بـني إسرائيل و كان تاجراً مشهوراً.. فجاءت مجموعة منهم إلى موسى u يطلبون منه كشف القاتل.. فجرت الأحداث التالية:
· وَ إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً.. بعدما حضروا عند موسى u و قدموا طلبهم.. طلب منهم أن يذبحوا بقرة.. و تجد الآن في المتحف المصري مجسمات للبقرة حتحور و العجل أبيس.. فقد كانوا يبنون هذه المجسمات شبيهةً بالمعبودات الأصل.. يعنـي على سبيل المثال حينما يصنع الأفارقة مجسماً لآلتهم ثم يضعون خطوطاً ملوّنة بأشكال مختلفة على هذا المجسم الذي يعتبرونه آلهةً.. ثم مع الزمن يبدأ نفس العابد يضع على جسده نفس الرسوم و الألوان وعلى بنيانه كذلك.. جلباً للبركة و القوة..
· قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ.. و من واقعهم آنذاك لا يختلف اثنان على معرفتهم بقصد موسى u.. و بنـو إسرائيل إلى الآن لم يقتنعوا لماذا يطلب موسى u يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً لتعرفوا من قتل صاحبكم.
· قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَ لا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ.. لاحظ (إِنَّهَا بَقَرَةٌ) ليست فارض، و الفارض الواسعة.. فالبقرة كلما كـبرت و زادت عدد مرات ولادتها يتسع جسمها و يكبـر و تزداد كمية إنتاجها لللبن (الحليب).. و البِكر هي التـي لم يطأها العجل بعد و هي صغيرة.. إذاً هي متوسطة الحجم (فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ) و لكن عُقدة الآلهة ما زالت في قلوبهم و ما زالوا يشكّون بكونها البقرة الآلهة.
· قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ.. قال مرة أخرى (إِنَّهَا بَقَرَةٌ) و هذه المرة الثالثة يؤكد لهم (إِنَّهَا بَقَرَةٌ) ثم أعطاهم لونها و أنها صفراء فاقع لونها.. و هنا بدأت المواصفات تقتـرب من البقرة حتحور التـي يعبدونها.. فتسألوا بينهم (أيمكن أن نذبح الآلهة؟).. و هذه البقرة بهذه المواصفات التـي لا توجد الآن في الطبيعة.. فقد كانت نتائج تهجين للحيوانات عمل عليها الفراعنة حـتى وصلوا في علوم التخليق إلى مواصفات متقدّمة في جانب الحيوان.. فصنعوا غيـر البقر المهجّن الحصان المجنّح.. و كان تمثال أبو الهول إنساناً بجسد أسد (طوله37م، عرضه 19، ارتفاعه 20م) هو الحدّ الأقصى لطموحهم الذي سعوا إليه.
· قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ.. ثم عادوا إلى موسى u يراجعونه أن يصرف النظر عنها.. فرد عليهم (إِنَّهَا بَقَرَةٌ) للمرة الرابعة يؤكد لهم إِنَّهَا بَقَرَةٌ.
· قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا.. و زاد من المواصفات إنها غيـر مذللّة.. (لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ) أي لا تُستخدم في الحرث.. (وَ لا تَسْقِي الْحَرْثَ) أي لا تُستخدم في السقاية و إخراج الماء من الآبار.. كما نعمل نحن في السّواني و نستخدم الإبل عادةً في السقاية.
· … قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَ مَا كَادُوا يَفْعَلُونَ.. و هي (حتحور) 100٪.. فلمّا أيقنوا أنها هي.. و هذا كله لتصحيح العقيدة.. أمّا من الجانب الإعجازي فضربُ الميت بقطعة من حيوان ميّت تعيد له الحياة و ما هذا إلا تأكيد لنبوءة موسى u.
رئيس المعبد كان السامريّ و بقي في يده العجل أبيس فقط و الذي سوف يناضل به من أجل إبقائه في قلوب بنـي إسرائيل و يستخدمه لينبذ أثر التوحيد من قلوبهم بعد العبور.. و كان عقاب الله لهم شديد على عبادة العجل!! بعد كل هذا.