قصة نوح.. ألف سنة

71 – سورة نوح

الرقم

71

الآيات

   28

الجُمّل

64 

الجزء

29

الحزب

57

الصفحة

  570 – 571

الكلمات

226

الحروف (عدا الهمزة)

947

عدد النقاط

  376

الحروف الهجائية

28

الحروف النورانية

14

لفظ الجلالة

7

ورد اسم (نوح) في القرآن الكريم 33 مرة و (نوحاً) 10 مرات.. و في هذه السورة ورد اسم نوح 3 مرات و ورد حرف (ح) فقط 3 مرات ضمن كلمة (نوح) فقط. هذ الكتاب خاص بأحد أولي العزم من الرسول و هو نوح u و أخذ اسمه، فقد يكون نزل بادئ ذي بدء على نوح u إلى أن وصل إلى محمد e.

لقد جاء ذكر نوح بشكل مباشر أو غير مباشر في الآيات التالية:

 

1-      آل عمران 33.

2-      النساء 163.

3-      الأنعام 84.

4-      الأعراف من (59 إلى 64)، 69.

5-      يونس 71.

6-      هود من (25 إلى 48)، 89.

7-      إبراهيم 9.

8-      الإسراء 3، 17.

9-      مريم 58.

10-  الأنبياء 76- 77.

11-  الحج 42.

12-  المؤمنون 23.

13-  الفرقان 37.

14-  الشعراء (من 105إلى 121).

15-  العنكبوت 14.

16-  الأحزاب 7.

17-  الصافات (من 75 إلى 83).

18-  ص 12.

19-  غافر 5، 31.

20-  الشورى 13.

21-  ق 12.

22-  النجم 52.

23-  القمر 9.

24-  الحديد 26.

25-  التحريم 10.

26-  الحاقة 11- 12.

27-  سورة نوح.

28-  التوبة 70.

29-  الذاريات 46.

 

****

{إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ و اتَّقُوهُ و أَطِيعُونِ} نوح: 1 – 3

  نُوْحٌ = التَلَبُثْ و البُقْيَا.. لَيْسَ مَسْمُوعًا فِي العَرَبِيَّةِ ناخَ ينوخُ، و لَكِنَّكِ تَأْخُذُهُ مِنْ أناخَ/ يُنِيخُ بِنَفْسِ مَعْنَاهُ: أناخَ بِالمَكَانِ، أَقَامَ، و أناخَ بِهِ البَلاءُ، حَلَّ بِهِ و لَزِمَهُ، و مِنْهُ أناخَ الجَمَلُ يَعْنِي أَبْرَكَهُ، و المَنَاخُ مَحَلُّ الإِقَامَةِ، و النَوْخَةُ مِثْلَهِ.. “نُوحٌ” إِذَنْ مِنْ النوخة و الإناخة، فَهُو النَائِخُ المُتَنَوّخِ، أَيْ اللاّبِثُ لا يَرِيم، صَارَ لَهُ عَلَمًا لِطُولِ مُكْثِهِ فِي قَوْمِهِ و طُولَ مُلاحَاتِهِمْ لَهُ.. و هَذَا هُو التَّفْسِيرُ القُرْآنِيُّ لِمَعْنَـى “نُوحٍ”، فَسَّرَهُ بِالمُرَادِفِ فِي مِثلِ قَوْلِهِ U:

       {و لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عَامًا} العنكبوت: ١٤

       {وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي و تَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ} يونس: ٧١

       {وَ جَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ} الصافات: ٧٧

“نُوْحٌ” فِي القُرْآنِ هُو تَعْرِيبُ “نُوحٍ” فِي التَّوْرَاةِ، الَّتِي تُنْطَقُ فِي العِبْرِيَّةِ لا مَدًّا بالواو و إِنَّمَا مَدٌّ بِالضَّمِّ بَعَدَهُ فَتْحٍ (نو-وح)، و مِنْ هُنَا كِتَابَتُهَا بِالإِنْجْلِيزِيَّةِ Noah، و هِيَ فِي العِبْرِيَّةِ مِنْ الفِعْلِ العِبْـرِيِّ نَاحَ / ينوحُ، مُشْتَقّةٌ عَلَى المَصْدَرِ أَو اِسْمِ الفِعْلِ، فَهِيَ “نُوحٌ” (نُو- و ح)، أَمَّا مَعَانِّي هَذَا الفِعْلُ فِي العِبْرِيَّةِ فَهِيَ: البُقْيَا و التَلَبُّثْ – الدّعَةُ و السُّكُونُ – الكَفُّ و التَّوَقُّفُ – الرَّاحَةُ و الاسْتِروَاحُ و التَّنَعُّمُ، و هُو فِي العِبْرِيَّةِ و الآرامية سَوَاءً، عَلَى أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرُدَّ هَذِهِ المَعَانِي جَمِيعًا إِلَى مَعْنَى الفِعْلِ الرَّئِيسِ، و هُو البُقْيَا و التَلَبُثْ، و المَعْنَى الرَّئِيسِ لِلفِعْلِ هُو أَقْدَمُ مَعَانِيهُ، أَيْ أَسْبِقُهَا وجُودًا.. مَا كَانَ فِي العَرَبِيَّةِ أَصَلاً بالخَاءِ (المَنْقُوطَةُ) يُرَدُّ فِي العِبْرِيَّةِ و الآرَامِيةِ فَوْرًا إِلَى الحَاءِ (غَيْرُ المَنْقُوطَةِ)، و مَا كَانَ فِي العَرَبِيَّةِ أَصَلاً بالحَاءِ (غَيْـرُ المَنْقُوطَةِ)، يَظَلُّ فِي العِبْرِيَّةِ و الآرامَيةِ عَلَى أَصْلِهِ بالحَاءِ، مِثَالُ ذَلِكَ “خَلْقَ”، العَرَبِيُّ يُصْبِحُ فِي العِبْرِيَّةِ و الآرامية “حَلْقَ”، “نَاحِ” العِبْـرِيَّ إِذَنْ هُو “ناخ” العَرَبِيُّ بخَاءٍ مَنْقُوطَةٌ، مِنْ الإناخة و التنوخ، أَيٌّ التلبث و البقيا.

الآن.. نوحٌ u هو أوّل إنسان بعد آدم يأتي الوحي له {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ و النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ و أَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ و إِسْمَاعِيلَ و إِسْحَاقَ و يَعْقُوبَ و الأَسْبَاطِ و عِيسَى و أَيُّوبَ و يُونُسَ و هَارُونَ و سُلَيْمَانَ و آتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} النساء: ١٦٣.. الإنسانية كانت في بدايتها.. الإنسان لا يستطيع أنْ يسبحَ في الماء و لا توجد علاقات اجتماعية مُلزِمة بين الآباء و الأبناء، و لم تكن عندهم المعرفة في الكتابة أو صناعة التماثيل.. فعبدوا الظواهر الطبيعية و الكواكب التـي يرونها في السماء بحثاً عن الله.. و من رعاية الخالق U للإنسانية أرسل لهم نوح u لتصحيح مسار الإنسانية.. فبدأ دعوته لهم للتوحيد أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ..  {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} الأعراف: ٥٩.. و إلى الإسلام {وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي و تَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ و شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ و لَا تُنْظِرُونِ (٧١) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ و أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} يونس:٧١ -٧٢..

أعطانا الله I إشارةً عنهم و هي الطوفان.. الإنسان هو الكائن الوحيد الذي إذا قذفتَه في الماء غرِق.. غيـر بقية الحيوانات الإبل و الغنم و الكلاب إذا سقطت في الماء فإنها تسبح.. فصار من مهام رسالة نوح u تعليم الإنسان كيف ينجو من الغرَق.. فأوحى الله I إلى نوح u بناء الفلك.. و كانت عبارة عن مجموعة من الأخشاب مربوطة بعضها مع بعض بحبال.. ما يشبه المسامير للتوثيق {وَ حَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ و دُسُرٍ} القمر: ١٣.. على أنْ تكون قادرة على أنْ تحمل نوح u و من آمن معه.. و ما يكفيهم من المواد الغذائية إلى أنْ ينجلي الحدث و كانت ساعة الصفر ثم تم تحديدها (فَارَ التَّنُّورُ).. و هذا مصطلح قد يكون في ثقافة قوم نوح.. كما تقول العرب (إذا حمي الوطيس) أو يقولون بطول العمر لو يُعمّر (أَلْفَ سَنَةٍ).. و عند المصريين (حصحص الحق) أو (هيهات هيهات) كلها مصطلحات حسب لسان القوم.

بعدها بدأ تسونامي (الطوفان) الذي غطّى منطقة قوم نوح (شمال العراق).. و هم لا يجيدون السباحة و غرقوا جميعاً.. و منهم أحد أبناء نوح الذي آوى إلى جبل فلمّا ناداه أبوه {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ و حَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} هود: ٤٣.. و شاء الله أنْ يغرق هذا الابن.. فلما راجعه نوح u في ابنه أخبـره الله إنّه ليس من أهله فهو عملٌ غيـر صالح {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} هود: ٤٦.. و أثبت أنّ زوجته قد خانته فيه {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ و امْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا و قِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} التحريم: ١٠.. حيث بالإضافة إلى عدم وجود التـرابط الأسري القوي بين الآباء و الأبناء كذلك كان الترابط ضعيف بين الأزواج و الزوجات.

الجُودِيِّ هي كَلِمَةٌ عَرَبِيّةٌ (شَاطِئُ النَّهْرِ و نَاحِيَةِ الجَبَلِ).. العَرَبُ يُسَمُّونَ شَاطِئَ النَّهْرِ و نَاحِيَةِ الجَبَلِ، “الجِدُّ”، “الجَدَّةُ”، و مِنْهِ اِسْمُ المِينَاءِ المَعْرُوفُ “جِدَّة” بِالمَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السَّعُودِيَّةِ، أَفَيَكُونُ “الجُوديِّ” أَصْلُهُ “الجِدِّيَّ” المَنْسُوبُ إِلَى “الجِدُ “، فَهُو المَرْسَى، اُسْتُعِيضَ عَنْ تَشْدِيدِ دالِه بِمَدِّ حَرَكَةٍ جيمه، إِنَّ صَحّ ذَلِكَ – و هُو غَيْـرُ بَعِيدٍ – كَانَ مَعْنـَى {… و اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ...} هود: ٤٤ أَنَّ السَّفِينَةَ رَسَتْ عَلَى مَرْسَاهَا، لا أَكْثَرُ و لا أَقَلُّ، دُونَ تَحْدِيدٍ لِمَوْقِعٍ.

كانت بداية اتصال السماء بالأرض عن طريق المشخّص فقط و ذلك بإرسال “نُذُر” و هم ملائكة قبل نوح.. و كان أول اتصال للسماء عن طريق الوحي المباشر للإنسان هو نوح u.. و به بدأ الإنسان الحديث حيث كان يمتلك لغة مجردة بأبسط صورها و قد و ضح هذا بالآيات التالية:

       {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ و الْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ و يُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} إبراهيم: 10.

       {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ و لَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ و مَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ و عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} إبراهيم: 11.

       {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ و لَو شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} المؤمنون: 24.

       {وَ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ و لَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ و لَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ و لَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} هود: 31.

هنا ذكر لقرآن الكريم مصطلح (بَشَرٌ) ليقصد به الجنس البيولوجي العضوي و هو بدون روح، حيث إن قوم نوح حديثي عهد بالبشرية.. أيْ ليس مَلَكَاً و ليس من الجن.. كما نلاحظ أنه جاء لنوح أول صيغة لغوية تعبدية من الله للناس {أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ و لِتَتَّقُوا و لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الأعراف: 63.. و لما كان نوح أوّل إنسان يُوحى إليه، فقد أرسل الله معه رُسلاً من الملائكة، فجمع بين الأسلوبين، أسلوب النُذر، و أسلوب الوحي للناس:

          {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} الشعراء: 105.

          {وَ قَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ و جَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً و أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} الفرقان: 37.

اشترك نوح مع الملائكة بأنه كان (نَذِيرٌ) إلى قومه.. و الإنذار كلمة تدل على تخويف و وعيد حيث توعدهم بالعذاب:

          {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} نوح: 1.

          {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} نوح: 2

          {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} الشعراء: 115

       {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ و مَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ و جَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ و أَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ} يونس: 73

واجه نوح u التكذيب من قومه.. نتيجة إنذاره لهم:

          {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} الشعراء: 117

          {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} المؤمنون: 26

          {قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين} الشعراء 116

          {وَ نَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} الأنبياء: 77

           {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ..} الحج:42 / ص:12/ غافر: 5 / ق:12 / القمر: 9

هذا التكذيب يرافقه ظاهرة السخرية {وَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ و كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} هود: 38.. و الازدراء {وَ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ و لَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ و لَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ و لَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} هود: 31

و قد كانت نبوءة نوح قفزة نوعية على سلم التطور من الناحية العلمية للإنسان.. في ذلك الوقت و قد بيّن هذا من قوله تعالى {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي و أَنْصَحُ لَكُمْ و أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} الأعراف: 62.. فكانت نبوءته تشمل.. التوحيد.. و تعليم الإنسانية ركوب الماء أو اجتياز العوائق المائية.. فقد كانت صناعة الفلك وحياً من الله:

          {وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا و وَحْيِنَا و لَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} هود: 37

       {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا و وَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا و فَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ و أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ و لَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} المؤمنون: 27

فالفُلك جاءت من “فلك” و هو الاستدارة.. و هي عبارة عن الشكل الهندسي للسفينة قبل نزولها في الماء، فالفلك عبارة عن قطع خشبية مربوط بعضها ببعض بألياف طبيعية لها شكل قريب من الدائري أو البيضوي من أحد أطرافها على الأقل.. أمّا السفينة فهو الفلك عندما يجري في الماء فتـرتطم به الأمواج.. و من هنا جاءت السفينة من فعل “سفن” و له أصل واحد و هو تنحية الشيء عن وجه الشيء الآخر أيْ أنّ السفينة تسفن الماء كأنها تقشّره.

أعطى القرآن الكريم صِفة لهذا الفُلك بأنّه “مشحون”.. و هو من فعل “شحن” أيْ أنّه محمّل بالناس و غيـرهم، و بنفس الوقت مشحون كأن تقول عن السيارة قاطرة و مقطورة أو شاحنة و مشحونة، فالشاحنة فيها دفّة توجيه و محرك للشدّ و قابلة للتوجيه، أمّا المشحونة فهي قابلة للتحميل فقط و لا يوجد فيها أداة توجيه و محرك للشدّ.. فقد تم التحريك بواسطة التيار المائي حسب اتجاهه الطبيعي {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} الحاقة: 11.. و أمّا التوجيه بحيث لا يرتطم الفلك بالصخور أو بأي عائق آخر فقد تم من قبل الله تعالى {وَ قَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا و مُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} هود: 41.

****

{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ و يُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوكُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا و نَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) و إِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ و اسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ و أَصَرُّوا و اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ و أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} نوح: 4 – 10

بداية ترسيخ العبادة التجريدية عند الإنسان و ذلك بالاستغفار.. حيث إن الاستغفار مفهوم مجرّد غيـر مشخّص، و قد بدأ التجريد عند الإنسان به.. و بيّنت الآيات المتعلقة بنوح وجود مبدأ الاستخدام من ناس إلى ناس آخرين، و وجود ناس متميـزين عن ناس آخرين من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية:

          {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ و أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} يونس: 72.

          {وَ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} الشعراء: 109

       {وَ يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ و مَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ و لَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} هود: 29

الأجر في اللسان العربي تعنـي الكِراء على العمل أيْ بإعطاء شيء مقابل العمل، أمّا وجود التمايز الاقتصادي و الاجتماعي فقد عبّـر عنه بكل صراحة في مصطلح الْمَلَأُ و أَرَاذِلُنَا.. الْمَلَأُ تمثل الطبقة العليا، و أَرَاذِلُ تمثل الطبقة الدنيا، و علمتنا قصة نوح أن اعتماده الرئيسي في دعوته كان على الطبقة الدنيا “الأراذل” و قد تكون هذه الطبقة هي العبيد.. و الْمَلَأُ هم السّادة:

       {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا و مَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ و مَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} هود: 27

       {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ و لَو شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} المؤمنون: 24

          {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ و اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} الشعراء: 111 و هنا (قالوا) تعود على الْمَلَأُ.

عرّف القرآن الْأَرْذَلُونَ بتعليقه بَادِيَ الرَّأْيِ و هم الناس بدائي الرأي في نظر الْمَلَأُ.. و هم من نقول عنهم العامة أو الطبقة غيـر المتعلمة بالنسبة لعلوم زمانها “الطبقة الجاهلة”، و قد جاءت الأراذل في هذا المعنى في مقامين آخرين و هما:

1.       {وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ و مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} النحل: 70

2.     {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ و غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ و نُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ و مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى و مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا و تَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ و رَبَتْ و أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} الحج: 5

فمصطلح “أَرْذَلِ الْعُمُرِ” يأتي بعد بلوغ الإنسان أشدّه و هي 40 سنة.. و توقفه عن اكتساب المعرفة، فإذا تخرّج إنسان من الجامعة في سن الـ 25 سنة و توقف عن اكتساب العلم و رفع الكفاءة العلمية و بقي على معلوماته في الجامعة.. فيبدأ أرذل العمر عنده من سن الـ 40 و هذا ما عبـّر عنه بـ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا.. و هناك أناس يتابعون تحصيل العلم حتـى سن متأخرة ثم يقفوا عن المتابعة لأسباب متعددة و منها المرض و الهرِم.

لقد كان خطاب نوح إلى الملأ “الخاصة” و لكن كان اعتماده على الأراذل “العامة” مما أثار سخط الخاصة و اعتقدوا أنّ العامة من صنعوا الفلك، و هذه النقطة تعطينا قاعدة مهمة و هي أنّ الخطاب الفكري العقائدي يجب أن يكون دائماً على مستوى رفيع بالنسبة لعصره، و لكن الممارسة يجب أن تكون مفهومة و واضحة بالنسبة للعامة ذوي المستوى الأدنى.. و في العصور القديمة كان التمايز العلمي و الثقافي حكراً على الملأ لأنهم كانوا لا يعملون، بل متفرغين.. و هناك الغوغاء “بادي الرأي” الذين يعملون، فهذا الوضع أدّى بشكل طبيعي إلى تقدم المعارف العلمية و الأدبية عند الملأ.. حتـى يومنا هذا نجد اكتساب المعارف و رفع الدرجة الثقافية بشكل عام و العلمية بشكل خاص.. يحتاج إلى تفرّغ، و المتفرغ يحتاج إلى من يعيله و هذه الإعالة الآن تقوم بها الدول من ميزانياتها، فكلما صرفت الدولة من ميزانيتها على البحث العلمي و على التفرغ للبحث العلمي ارتفع أبناؤها في درجات الرقيّ و التقدم.

فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا.. الإجراءات التي يتخذها أعداء التجديد و التطور هي:

o     الفرار.. و أحد معاني الفرّ في اللسان العربي هو النيل منه و خرق عِرضه.. فنقول فلان يفرّ من فلان إذا نال منه و خرق عرضه.

o       النفي.. {وَ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَو لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} إبراهيم: 13.

o     الأذى “التعذيب”.. {وَ مَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ و قَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا و لَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا و عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} إبراهيم: 12.

o       الرجم.. {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} الشعراء: 11.

o       الزجر.. {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا و قَالُوا مَجْنُونٌ و ازْدُجِرَ} القمر: 91.

o       المكر “التآمر”.. {وَ مَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} نوح: 22.

o     عدم الإصغاء لقيام الحجة.. حيث إن حجة التحجر و التزمت ضعيفة جداً و دعاة التوحيد “التطور” ذوو حجة قوية جداً، فأحد ردود الفعل ضدهم هي عدم الإصغاء إليهم، و منع الآخرين من الإصغاء إليهم {وَ إِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ و اسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ و أَصَرُّوا و اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} نوح: 7.

ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ و أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا.. هناك فرق بين الجهر و العلن، فالجهر جاءت من الجمال فنقول فلان استجهرته أيْ راعني جماله و كثـر في عيني، و فلان ذا جهرة أيْ منظره تجتهره الأعين.. إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا.. أيْ أنه كان في دعوته لهم لطيفاً جداً و بدون أيّة فظاظة.. و هذا أيضا ما أمر الله به موسى u عندما أرسله إلى فرعون {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخْشَى} طه: 44.. أَعْلَنْتُ لَهُمْ و أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا.. فهذا يعنـي أنّ الدعوة أخذت الوجه العلني و الوجه السرّي.

****

{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} نوح : 11 – 12

كانت من نبوءة نوح التبشير بالبنيان و الاستقرار.. فقد عاش الإنسان في عهد نوح في الكهوف حيث كانت المنطقة تحيط بها الجبال و فيها أنهار.. فيعتقد أنهم كانوا يعيشون في الكهوف و في الغابات المحيطة بالأنهار، لذا فقد كانوا يعبدون مظاهر الطبيعة حيث إن تميـيز الآلهة لم يوجد عندهم بعد.. و قد ذكر إهلاك القرى المستقرة بعد نوح {وَ إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) و كَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ و كَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} الإسراء: 16 – 17.

وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ و بَنِينَ.. من هنا نلاحظ كيف بشّر نوح الناس بالاستقرار في البناء.. و هذا الاستقرار فعلاً كان حاصلاً حتـى زمن هود.. و بَنِينَ، نفهمها من فعل “بنن” و تعنـي الثبات و اللزوم و الإقامة و هذه هي طبيعة الأبنية و البنيان و العقار.. أموال، هنا المال لا يعنـي النقد، بل جاء من فعل “مول” و تعنـي هنا أدوات الإنتاج البدائية و ما يمكن أن يصطاده الإنسان و يجنيه من الطبيعة و في القاموس خرج إلى ماله: أيْ خرج إلى ضياعه و إبله.

****

{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وقَارًا (13) و قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} نوح: 13 – 15

و قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا.. توضيح هذا الآية في سورة التين بأن جسد الإنسان بتغير من طور إلى صور و يتجدد عبر السنين {وَ طُورِ سِينِينَ (2) وَ هَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} التين : 2 – 4.

بداية توجيه العقل الإنساني للتفكيـر بنفسه و بالوجود من حوله و تنمية المدارك العقلية للإنسان، و التوجيه إلى البحث في الوجود الإلهي و الكوني و الإنساني كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا.

****

{و جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا و جَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) و اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا و يُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) و اللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} نوح: 16 – 20

اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا و يُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا.. تبين لنا أن خلق الإنسان من مكونات الأرض الأساسية (الجدول الدوري)، و بعد الموت يذوب الجسد في الأرض مرة أخرى و يعود إلى مكونات الأرض الأولية، و يوم القيامة سنخرج من نفس الأرض و من مكوناتها بشكل جديد، و هنا إماءة بأن الجنة هي كرة الأرض هذه بعد إعادة تشكيلها بنمط الجنة، و ما جهنم إلا جزء من هذه الأرض الجديدة و كأنها سجن في الكوكب الجديد.

هنا يجب أن نلاحظ نقطة في غاية الأهمية و هي أنّ الإنسانية في عهد نوح كانت غيـر قادرة على استيعاب الانفجار الكوني و تشكل الكون و قوانين الجدل و التطور و الساعة و نفخة الصور و البعث، و اليوم الآخر، الجنة و النار.. لذا لم تذكر هذه الأشياء نهائياً في نبوءة نوح، و إنما ذكرت بالتفصيل في نبوءة محمد ﷺ في القرآن.. حيث إن العقل الإنساني قد نضج لتقبّل هذه المفاهيم و فهم قوانين الطبيعة و الجدل و التطور، و عنده الإمكانية لأن يعقلها.

****

{قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي و اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ و وَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) و مَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} نوح: 21 – 22

وَ مَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا.. المكر “التآمر”.. فأعداء التقدم و التطور يتآمرون لمنع تقدم عملية التطور إلى الأمام و يتهمون دُعاة التطور و التقدم بالتآمر، و قد حصل هذا فعلاً عندما اتهم فرعون موسى و السحرة بالتآمر في قوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} الأعراف: 123.

****

{وَ قَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ و لَا تَذَرُنَّ ودًّا و لَا سُوَاعًا و لَا يَغُوثَ و يَعُوقَ و نَسْرًا (23) و قَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا و لَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} نوح: 23 – 24

في ضوء الترتيل نرى أن أعداء دعوته u هم الناس المستفيدون من الوضع القائم.. و هم “الْمَلَأُ” أصحاب الامتيازات و رجال الدين “الكهنة” فالتغيير فيه إنقاص للملأ الذين مُلِؤوا مالاً و جاهاً.. “نفوذاً” و فيه فقدان لسيطرة رجال الدين على الناس.. و قد قلنا إن عبادة مظاهر الطبيعة كانت العبادة السائدة عند قوم نوح “الشمس، القمر، النجوم، الرعد، الـبرق، الأنهار” … و كل عبادة وثنية لها كهنتها، فمظاهر الطبيعة هي الآلهة، و الكهنة هم مندوبو الآلهة لدى الناس لذا فالآلهة و الكهنة مرتبطان بعضهما ببعض ارتباطاً وثيقاً.. و هذا ما عبّـر عنه القرآن بكل دقّة.

فقد كانت مجموعة مِنهم يُمثّلون أمام الآخرين علاقتهم بالسماء و الآلهة التـي يرونها.. و من هذه الشخصيات وَدًّا و سُوَاعًا و يَغُوثَ و يَعُوقَ و نَسْرًا.. {وَ قَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ و لا تَذَرُنَّ ودًّا و لا سُوَاعًا و لا يَغُوثَ و يَعُوقَ و نَسْرًا} نوح: ٢٣..

هنا نلاحظ كيف استعمل تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ثم أعاد الفعل مرة ثانية تَذَرُنَّ ودًّا.. فمظاهر الطبيعة هي الآلهة.. أمّا هذه الشخصيات فهم الكهنة مندوبو الآلهة للناس.. لو كانت أصناماً لقال عنها أنها آلهة، و لدمجها مع الآلهة.. كما أنّ الوضع الإنتاجي و الصناعي “وسائل الإنتاج” في عهد نوح u لا يسمح بنحت الأصنام.. إذ إنّ نحت الأصنام يحتاج إلى وسائل للنحت و إلى مفاهيم هندسية بُعدية.. و هذه المفاهيم الهندسية لم تظهر عند الإنسان إلا بظهور الأبنية و “الاستقرار”.. كما أنّ مظاهر الطبيعة أو الأصنام ليست من العاقل.. فإذا كان الإنسان يعبد الشمس فلا نقول إنّ الشمس أضلته، ففي هذه الحالة سيكون العقاب للشمس لأنها هي التي أضلته، بينما كان تعليقه على ودًّا و سُوَاعًا و يَغُوثَ و يَعُوقَ و نَسْرًا هم قَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا و لَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا.. فهل مظاهر الطبيعة أو الأصنام تُضِل الناس عن عبادة الله الواحد.. و قد وصفهم بالظلم.. فهذه كلها صفات للعاقل.. فالناس الذين يدعون إليها هم الذين يُضلون الآخرين و يظلمونهم.

و لقد سمّى كل أعداء نوح بالظالمين، و الشرك عبارة عن ظلم، و من مظاهر الشرك الرئيسية وقف عملية التطور المعرفي و التشريعي:

o       {وَ قَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا و لَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} نوح: 24

o       {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ و مَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} المؤمنون: 28

o       {وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا و وَحْيِنَا و لَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} هود: 37

****

{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} نوح: 25

هنا استعمل فاء السببية و التعقيب بين الغرق و إدخال النار و استعمل النار نكرة، و هنا لا يقصد فيها نار جهنم، أي نار الآخرة.. فيكون جرف السيل جثث قوم نوح و رماها في فوهة البركان؛ حيث يتبين من الآية أن فوهة البركان كانت منخفضة و علاها الماء و دخلت الجثث في البركان.

****

َ قَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ و لَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} نوح: 26 – 27

هذه الدعوة دعاها نوح u بعد الطوفان لا قبله، أيْ دعاها بعد أن غرق قومه.. و ذلك بعد أن رأى الأهوال و الدمار الذي لحق بالمنطقة فخاف على نفسه و على من معه من انتقام من بقي حياً I.. في هذه الحالة سينقمون منه و ممن معه و سيربّون أولادهم على الكفر و كراهية الإيمان منذ صغرهم و يكرِهوا الناس على الكفر.. حيث هنا “يَلِدُوا” جاءت من التوليد من التربية و ليست الولادة الفيزيولوجية حيث نعلم الآن أن الإنسان يولد من بطن أمه دون معلومات و دون مواقف مسبقة و الإنسان يولد على الفطرة مسلماً فالبيئة تجعله كافراً أو على أيّ دين آخر.

نوح u لم يدع على قومه بالغرق.. فلا يوجد نبـي أو رسول دعا على قومه بالهلاك.. و لكن بعد أن يئس من قومه دعا الله أن يحل المشكلة بينه و بين قومه {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي و بَيْنَهُمْ فَتْحًا و نَجِّنِي و مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الشعراء: 117 – 118.. فكان الجواب من رب العالمين {وَ أُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) و اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا و وَحْيِنَا و لَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} هود: 36 – 37.. فقد أخبـره الله سلفاً بأن قومه مغرقون.. و كانت إشارة الطوفان بالنسبة لنوح “فَارَ التَّنُّورُ”.. هنا نتوقع أنه في منطقة قوم نوح و في الجبال التـي تحيط بهذه المنطقة يوجد بركان خامد.. و كانت إشارة الطوفان هي نشاط هذا البركان {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا و فَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ و أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ و مَنْ آمَنَ و مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} هود: 40.. و يمكن أن نرى الحِمم البركانية المصهورة تفور في فوهة البركان.. و كانت هذه إشارة لكي يركب نوح و من معه على الفلك.. و قد أعطاه الله إشارة بأن هناك أُناساً يريد نوح أن يركبوا معه، و لكنهم سيغرقون.

مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ.. قراءة حفص وحده (كُلٍّ زَوْجَيْنِ) بتنوين كل.. و قرأ الباقون (من كل زوجين) بتـرك التنوين، و على قراءة الأكثـرين يكون المعنـى من الموجود عندكم من الأنعام الحية التي تأكلون لحمها فقط.

{فَافْتَحْ بَيْنِي و بَيْنَهُمْ فَتْحًا و نَجِّنِي و مَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الشعراء: 118 حين طلب نوح نجاته و من معه من المؤمنين فقط.. كان رد رب العالمين نجاته و من معه فقط دون ذكر “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ” في قوله: {فَأَنْجَيْنَاهُ و مَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} الشعراء: 119.. {وَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا و جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ و الْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} الزخرف: 12.. شاهد على أنّ الإنسانية تعلمت صناعة الفلك و اجتياز العوائق المائية قبل أن تذلل الأنعام.. و هي الوسائل الوحيدة لانتشار الإنسان على وجه الأرض، و بقيت هذه وسائل النقل حتى القرن الثامن عشر و التاسع عشر.. إلى أن اختـراع الإنسان الآلة البخارية.

****

{رَبِّ اغْفِرْ لِي و لِوَالِدَيَّ و لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا و لِلْمُؤْمِنِينَ و الْمُؤْمِنَاتِ و لَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} نوح: 28

بعد التوحيد دعا قومه إلى بر الوالدين {رَبِّ اغْفِرْ لِي و لِوَالِدَيَّ و لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا و لِلْمُؤْمِنِينَ و الْمُؤْمِنَاتِ و لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا} نوح: ٢٨..

بَيْتِيَ.. هنا البيت في اللسان العربي اسم جنس و لها أصل واحد و تعنـي المأوى و المآب و جمع الشمل.. فليس من الضروري أن يكون البيت بنياناً إذ يمكن أن يكون كهفاً.

و بعد أن أمضى مع قومه ألف سنةٍ إل خمسين عاماً.. و هي تعادل متوسط عُمر الإنسان آنذاك حسب تقويمهم.. حيث الإنسان لم يعرف من الزمن سوى اليوم و لم يتعرف على الأسبوع و الشهر و أنّ السنة ٣٦٥ يوماً.. فكان أن صنع تقويماً لنفسه اعتبـر فيها السنة مجموعة أيام.. و ظهرت هذه في وثائق السومريين و التي ذكرت أنّ النّاس و الملوك آنذاك حكموا بأرقام من السنين كبيـرة.. فمدينة (اريدو) حكمها ملكان لمده ٦٤ ألف سنة (بينما الإنسانية من عهد آدم إلى اليوم استغرقت ١٠ آلاف سنة فقط).. و أنّ الملائكة كانت تتنزل عليهم من السماء (النُذُر).

في هذا العصر اكتشف (ليوناردو و الي) في مُدن ما بين الرافدين أنّ هذه المنطقة حصل فيها طوفان قبل ٦٠٠٠ سنة (و هذا تاريخ تقريبـي صحيح).. حيث وجد فاصل طينـي بين طبقتين تحتوي على الآثار بارتفاع ٢,٥ متـر..  و بعد هذا التسونامي هبطت سفينة نوح على جبل اسمه الجودي.. هبط نوحٌ u و مَن معه مِن السفينة و عادت الحياة لفتـرة من الزمن و انقطع نسل كلّ من كانوا في السفينة عدى سلالة نوح u {وَ جَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} الصافات: ٧٧.. و الذي اعتبـره المؤرخون أنّه هو أبو الإنسانية الثاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart