76 - سورة الإنسان
{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان : 2]
الأمشاج = 23 كروموسوم .. الصبغة (الأجداث) = 46 كروموسوم
كلمات القرآن الكريم ترسم جسم الإنسان مفصلاً تفصيلاً دقيقاً :
كلمات القرآن الكريم ترسم جسم الإنسان مفصلاً تفصيلاً دقيقاً (63 مكون من جسم الإنسان):
1. «الرأس» «قَالَ رَبِّ إِنِّي و هَنَ الْعَظْمُ مِنِّي و اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا...»
2. «الشيب» «قَالَ رَبِّ إِنِّي و هَنَ الْعَظْمُ مِنِّي و اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا...»
3. «جلدة الرأس» «نَزَّاعَةً لِلشَّوَى»
4. «الجبين» «فَلَمَّا أَسْلَمَا و تَلَّهُ لِلْجَبِينِ»
5. «الناصية» «لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ»
6. «الجبهة» «يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ و جُنُوبُهُمْ و ظُهُورُهُمْ..»
7. «الجنب» «وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَو قَاعِدًا أَو قَائِمًا...»
8. «الظهر» «الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ»
9. «العين» «.. و الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ و الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ و الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ و السِّنَّ بِالسِّنِّ.. »
10. «الأنف» «.. و الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ و الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ و الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ و السِّنَّ بِالسِّنِّ.. »
11. «الأنف الطويلة» «سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ»
12. «الأذن» «.. و الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ و الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ و الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ و السِّنَّ بِالسِّنِّ.. »
13. «السن» «.. و الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ و الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ و الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ و السِّنَّ بِالسِّنِّ.. »
14. «الأفواه» «.. يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ و اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ و لَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ»
15. «جفن العين» «أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ»
16. «اللسان» «وَلِسَانا و شَفَتَيْنِ»
17. «الشفتان» «وَلِسَانا و شَفَتَيْنِ»
18. «الحنجرة» «وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ»
19. «الحلقوم» «فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ»
20. «الرقبة» «فَكُّ رَقَبَةٍ»
21. «العنق» «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ..»
22. «الخد» «وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ..»
23. «الذقن» «يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدا»
24. «اللحية» «قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى و لَا بِرَأْسِى»
25. «الوجه» «مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وجُوها فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا»
26. «الدبر» «فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ و أَدْبَارَهُمْ»
27. «الترقوة» «كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ»
28. «العضد» «قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ»
29. «المرفق» «.. الْمَرَافِقِ و امْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ و أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ..»
30. «الرجل» «.. الْمَرَافِقِ و امْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ و أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ..»
31. «الكعب» «.. الْمَرَافِقِ و امْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ و أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ..»
32. «اليد» «فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ و أَيْدِيَكُمْ»
33. «الكف» «وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ»
34. «الأصابع» «جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِى آَذَانِهِمْ»
35. «الأنامل» «عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ»
36. «البصمات» «بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ»
37. «الساق» «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ و يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ»
38. «القدم» «.. وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا..»
39. «العقب» «.. قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ»
40. «الهيكل العظمي» «خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ»
41. «العظم» «قَالَ مَنْ يُحْيِى الْعِظَامَ و هِيَ رَمِيمٌ».
42. «اللحم» «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتا فَكَرِهْتُمُوهُ»
43. «الجلد» «ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ و قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
44. «القلب» «إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»
45. «الدم» «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ»
46. «العقد اللمفاوية» «وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ»
47. «الخلية» «وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ»
48. «الوريد» «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»
49. «الوتين» «ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ»
50. «الفرج» «وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ»
51. «الكروموسومات» «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ»
52. «نصف عدد الكروموسومات» «إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ»
53. «الصدر» «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ»
54. «النهدين» «وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ»
55. «الجيب» «.. و لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..»
56. «الإبط» «وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى»
57. «البطن» «إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا...»
58. «المني» «أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى»
59. «الدمع» «تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ»
60. «الغائط» «أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ»
61. «الأعصاب» «إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ»
62. «الدم الغير مؤكسد» «يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا»
63. «المهبل» «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ»
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ
مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ نُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ
الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَ تَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} الحج: ٥
مكونات الإنسان الرئيسية هي الجسد و النفس و الروح.. هناك آيات تصف المكوّن الرئيس الجسد والذي يتكون من طبقات مختلفة و متداخلة كما تصفه كُتب الطب و التشريح.. فالقرآن الكريم يصف هذه الطبقات على النحو التالي:
· التـراب و الذي يتضمن عناصر الطبيعة المختلفة.. و قد قام مندليف بجمع هذه العناصر في الجدول الدوري.. و لا تخرج مكونات الجسد عن عناصر الطبيعة هذه.. حيث يستمر بناء الجسد في جميع أطواره من الطعام الذي نأكله.. و أصلُه من مكونات الأرض {و َاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَ مَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَ لَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَ مَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} فاطر: 11.. في الجدول المقابل و الصورة المرفقة توضيح نسب و كمية العناصر التـي يتكون منها جسد الإنسان الذي كتلته في المتوسط 70 كحم.. فنجد أن الأكسجين يكوّن فيه 43 كجم (تمثل حوالي 63٪ من وزنه).
م
العدد الذري
العنصر
الكتلة (كغ)
1
8
أكسجين
43
2
6
كربون
16
3
1
هيدروجين
7
4
7
نيتروجين
1.8
5
20
كالسيوم
1
6
15
فسفور
0.78
7
19
بوتاسيوم
0.14
8
16
كبريت
0.14
9
11
صوديوم
0.1
10
17
كلور
0.095
11
12
مغنسيوم
0.019
12
26
حديد
0.0042
13
9
فلور
0.0026
14
30
زنك
0.0023
15
14
سيليكون
0.001
الإجمالي
70.0841
م |
العدد الذري |
العنصر |
الكتلة (كغ) |
1 |
8 |
أكسجين |
43 |
2 |
6 |
كربون |
16 |
3 |
1 |
هيدروجين |
7 |
4 |
7 |
نيتروجين |
1.8 |
5 |
20 |
كالسيوم |
1 |
6 |
15 |
فسفور |
0.78 |
7 |
19 |
بوتاسيوم |
0.14 |
8 |
16 |
كبريت |
0.14 |
9 |
11 |
صوديوم |
0.1 |
10 |
17 |
كلور |
0.095 |
11 |
12 |
مغنسيوم |
0.019 |
12 |
26 |
حديد |
0.0042 |
13 |
9 |
فلور |
0.0026 |
14 |
30 |
زنك |
0.0023 |
15 |
14 |
سيليكون |
0.001 |
الإجمالي |
70.0841 |
· إن اعتدال جسم الإنسان مبنـي على الهيكل العظـمي و الذي تقتـرب مواصفاته من صفات الفخار و ذلك بوجود المسامات الداخلية.. و في عظامنا تتم صناعة كريات الدم الحمراء في نخاع العظام أو المسمى العلمـي (نقي العظم) و هو نسيج حيوي شبه صلب يوجد داخل الأجزاء الإسفنجيَّة من العظام الطويلة، و هو الموقع الرئيسي لإنتاج خلايا الدم الجديدة و «تكوين الدم» عند الطيور و الثدييات، و يتكون نقي العظم من الخلايا الجذعية المنتجة للدم و نسيج شحمي و أنسجة داعمة أخرى، و يوجد عند البالغين بشكل أساسي في عظام الأضلاع و الحوض و القص و الفقرات، و يشكّل تقريباً 4٪ من وزن الجسم بشكل وسطي فتقريباً هو يشكِّل 2.6 كغ عند شخص كتلته 65 كغ.. {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} الرحمن: 14.
· يتبين من صورة العضلات المرفقة والتـي تكسوا العظام الشَبَهْ الكبيـر بينها و بين الطين.. و قد ذكر القرآن الكريم (اللحم) للطيـر و الخنزير و الحمار.. و ذكره عند بدء تكوين الإنسان {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} المؤمنون:14.. و تشبُّع العضلات بالماء مشابهة للطين و {هُو الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} الأنعام: 2.. (انظر الصورة).

· الجهاز العصبي و يُدعى أيضاً الجملة العصبية، و هو أهم الأجهزة الـتي تميـّز المملكة الحيوانية.. نشاهده عند كل الكائنات الحية ابتداءً من وحيدات الخلايا و حـتى الثدييات حيث يكون مؤلفاً من دارات بسيطة بين مجموعات صغيرة من الخلايا العصبية عند وحيدات الخلايا، و يزداد تعقيداً كلما صعدنا في سلم التطور ليصل إلى أقصى درجات التعقيد و الكفاءة عند الإنسان.. و يتميـز الجهاز العصبي عند الإنسان بتطور الدماغ لدرجة مكنّته من إنتاج اللغة و تطور وظائف الإدراك العليا مثل التعلّم، الاستدلال المنطقي، التجريد، التخيّل و الإبداع.. مما ساعده على التعامل مع التحديات بكفاءة عالية جداً.. و للجهاز العصبي في الإنسان عدة سُبل تُسهِّل انتقال المعلومات و الإحساسات من البيئة المحيطة بالإنسان إلى الدماغ، الذي يقوم بإرسال أوامر و تعليمات لعضلات الجسم المختلفة، لتتجاوب مع تلك المعلومات.. و تسلك هذه الأوامر سُبُلاً غـير التـي سلكتها المعلومات الواصلة للدماغ.. و كذلك يختص الجهاز العصبي بتنظيم العديد من وظائف الجسم الداخلية، مثل عمليات التنفس و الهضم والنبض القلـبي.. فالجهاز العصبي مسؤول عن كل ما يقوم به الإنسان من حركات، أفكار، انفعالات و أحاسيس.. و يقوم الجهاز العصبي بوظيفته من خلال الاتصالات الكثيفة عبـر المشابك العصبية الموجودة على نهايات المحور و التغصنات الهيولية العصبية (الشجرية) لكل العصبونات التـي تؤمّن استقبال المعلومات، معالجتها، و إصدار التعليمات.. و هذا النظام جاء وصفه في لقرآن الكريم بالطين اللازب {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} الصافات: 11.
· إن وضع العظام و تكسيتها باللحم و تخلل النظام العصبي في جميع مكونات الجسم تحتاج إلى غطاء محكم يرسم الشكل و يحفظه.. فالجلد هو العضو الذي يغطي جسد الإنسان و أجسام كثيـر من الحيوانات الأخرى.. و وظيفة الجلد الرئيسية في الإنسان هي حماية الجسد و يُعدّ أحد خطوط الدفاع الأولى ضد الجراثيم، و الجلد يحمـي الجسد من خلال خصائصه الفيزيائية.. فهو يكاد يكون مقاومًا للبلل تمامًا، و يمنع نفاذ السوائل التـي تغمر أنسجة الجسم إلى الخارج.. و الجلد يمنع البكتيريا و المواد الكيميائية من دخول معظم أجزاء الجسم، و يقي الأنسجة الـتي تقع تحته من أشعة الشمس الضارة.. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الجلد في المحافظة على درجة الحرارة الداخلية للجسم عند المستويات العادية، و ذلك بأن تقوم الغدد الموجودة في الجلد بإفراز العرق عندما يتعرض الإنسان لحرارة شديدة، حيث يتبخر العرق، فيبـرد الجسم؛ أمَّا عندما يشتد البـرد فإن الجسم يحتفظ بالحرارة عن طريق تضييق الأوعية الدموية الـتي في الجلد، فيقل نتيجة لذلك، مرور الدم إلى سطح الجسم، و بذلك يفقد الجسم حرارة أقل.. كما يوجد في الجلد كثيـرٌ من نهايات الأعصاب الحسّاسة للبـرودة و الحرارة، وكذلك النهايات العصبية الخاصة بالألم و الضغط واللمس.. والجلد أكبـر أعضاء جسم الإنسان، فلو نشرنا جلد إنسان ذكر تبلغ كتلته 6-8 كجم لغطى مساحة قدرها نحو مترين مربعين.. يتكون الجلد من 3 طبقات رئيسية وهي:
· البشرة: طبقة الجلد الخارجية.. و تحتوي هذه الطبقة على خلايا الميلانين المسؤولة عن لون البشرة.
· الأدمة: باطن الجلد تحت البشرة تحتوي على النهايات العصبية و الغدد العرقية، الدهنية، و الأوعية الدموية و الليمفاوية.
· نسيج تحت جلدي: يحتوي على الخلايا الدهنية.
و اختصر القرآن وصف الجلد بكلمة الحماء المسنون {وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} الحجر: 26.. كوصف أدق ما يكون الوصف.
و بِالْتَّفَكُّرِ فِيْ كِتَابِ الله U نَأْخُذُ أَوَّلَ نَشْأَةٍ لِلْبَشَرِيَّةِ و فِيْ خَلْقِ آَدَمٍ u، فَأَنَا و أَنْتَ و نَحْنُ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمِ u، فَتَعَالَ مَعِيَ نَنْظُرُ مِنْ خِلالِ آيَاتِ الْكِتَابِ الْمُبِيْنِ كَيْفَ كَانَتْ الْنَّشْأَةَ الأُوْلَىْ لِلْبَشَرِيَّةِ، فَمِنْ رَحْمَةِ الله بِالْعَقِلِ الإنساني بِالْنِّسْبَةِ لِلأَحْدَاثِ الْغَيْبِيَّةِ أَنَّ الله I قرّبِهَا لَنَا بِشَيْءٍ من المَشَاهِد، فَالمَوْتُ أَمْرٌ حِسِّيٌ مُشَاهَدٌ لَهُ شَبَهٌ كَبِيْـرٌ بِبِدَايَةِ الْخَلْقِ، و قَدْ ذَكَرَ لَنَا U غَيْبَ الْخَلِقَ فِيْ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ فَقَالَ:
1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ…} الحج: ٥
2. {وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} المؤمنون: ١٢
3. {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} الصافات: ١١
4. {وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} الحجر: ٢٦
5. {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} الرحمن: ١٤
6. {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ص: ٧٢
فَالْحَقُّ I أَخْبَرَنَا عَنْ مَرْحَلَةٍ فِيْ الْخَلْقِ لَمْ نَشَهَدَهَا، و لَكِنَّ الْمَوْتَ شَيْءٌ مَّشْهُوْدٌ لَنَا جَمِيْعَاً، فَيَأْتِيَ الْحَقُّ I بِهِ كَدَلِيلٍ عَلَىَ مَرَاحِلِ الْخَلْقِ الَتـِيْ لَمْ نَشْهَدُهَا، فَالْمَاءُ إِذَا وُضِعَ عَلَىَ تُرَابٍ يُصْبِحُ التـرابُ طِيْنَاً ثُمَّ مِن الطين طِيْنٌ لازِبٍ، و بَعْدَ تَرْكِهِ فَتْـرَةً مِنْ الْزَّمَنِ يَتَغَيَّـرُ لَوْنُهُ من الداخل و يُصْبِحُ صَلْصَالاً يَجِفُ فَيَتَحَوّلَ إِلَىَ حَمَأٍ مَسْنُوْنٍ من الخارج، ثُمَّ يتحول جزء منه حتـى يصبح كَالْفَخَّارِ، و يدير هذه العملية (حقل) و هي النفس لِيُصْبِحَ مخلوق هو البَشَرَ، و جميع الحيوانات تمر بهذه المراحل المختلفة، ثُمَّ يَأْتِيَ الْمَوْتُ و هُو نَقْضٌ لِلْحَيَاةِ، و مَعْلُوْمٌ أَنَّ نَقْضَ كُلّ شَيْءٍ يَأْتِيَ عَلَىَ عَكْسِ بِنَائِهِ.. فَبِنَاءُ الْعِمَارَةِ يَبْدَأَ مِنْ أَسْفَلٍ إِلَىَ أَعْلَىَ.. أَمَّا هَدَمَهَا فَيَبْدَأُ مِنْ أَعْلَىَ إِلَىَ أَسْفَلِ، و كَمَا أَنَّ آَخِرَ مَرْحَلَةٍ مِنْ رِحْلَةٍ مَا، هِيَ أَوَّلُ خُطْوَةٍ فِيْ طَرِيْقِ الْعَوْدَةِ، فَإِذَا كُنْتَ مُسَافِرَاً إِلَىَ مَكَّةِ فَأُوْلَ مَّكَانٍ فِيْ طَرِيْقِ الْعَوْدَةِ هُو آَخِرُ مَكَانٍ وَصَلَتَ إِلَيْهِ.
و بِالْمُقَارَنَةِ فَإِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْ الْجَسَدِ هِيَ الروح ثم الْنفسُ {…وَ الْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ…} الأنعام:٩٣، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَصَلَّبُ هَذَا الْجَسَدْ و يُصْبِحُ كَحَمَإِ مَّسْنُوْنٍ، ثُمَّ يَتَعَفَّنُ فَيُصْبِحُ كَالصَلْصَالِ، ثُمَّ يَتَبَخَّرَ الْمَاءُ الَّذِيْ فِيْهِ فَيَعُوْدَ تُرَابَاً، و هَكَذَا يَكُوْنُ الْمَوْتُ نَقْضَاً لِصُوْرَةِ الْحَيَاةِ مُتَّفِقَاً مَعَ الْمَرَاحِلِ الَّتِيْ بَيَّنَهَا لَنَا الْحَقُّ I فِيْ طَرِيْقَةِ الْبِنَاءِ الأَوَّلِ و النبات.
و لَكِنْ هُنَاكَ خَلْقٌ مُمَيِـّزٌ مِثْلُ خَلْقِ آَدَمَ u، يَقُوْلُ I {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} آل عمران: ٥٩، و مِنْ هُنَا نُلاحِظُ الأُمُورَ الآتِيَةِ:
أولاً: مَعْلُوْمٌ أَنَّ ثُمَّ لِلْتَرْتِيْبِ و الْتَرَاخِيَ، فَقَدْ تَمَّ خَلْقُ آَدَمُ u أَوَّلاً كبشر ثم تمّ نقلُه مِن البشرية إلى الإنسانية بزيادة الروح من عالم الأمر ليكونَ إِنْسَانَاً كَامِلاً، فَعِنْدَمَا يَقُوْلُ I {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} التين: ٤، فَإِنَّمَا يَتَحَدّثُ I عَنِ الإِنْسَانِ بَعْدَ أَنْ خُلِقَ إِنْسَانَاً تَتَوَافَرَ فِيْهِ الأَوْصَافُ و السِمَاتُ و الخَصَائِصُ الَّتـِيْ تُمَيِـّزُهُ عَنْ بَاقِيْ الْكَائِنَاتِ، أَمَّا مَا قَبْلَ هَذَا الْتَكَامُلُ و الاِكْتِمَالُ و الْتَمَيُـّزِ بالروح فَلا يَصِحُ أَنْ يُسَمَّىْ إِنْسَانَاً بل بشر.
ثانياً: إِذَا كَانَ الْتَمَاثُلُ فِيْ خَلْقِ آَدَمَ و عِيْسَىْ عَلَيْهِمَا الْسَّلامُ كَامِلاً فَإِنَّ هَذَا يَعْنـِيْ أَنَّ بِدَايَةِ خَلْقِ آَدَمَ u كَانَتْ مِنْ مكونات التـُرَاب ثُمَّ انْتَهَتْ بِأَنْ خُلِقْ خَلْقَاً خَاصَّاً بإضافة الروح إليه عَلَىَ خِلافِ الْقَانُوْنِ الْمَعْهُوْدِ فِيْ الْمَخْلُوْقَاتِ قَبْلِهِ، كَمَا هُو الأَمْرُ فِيْ عِيْسَىْ u الَّذِيْ بَدَأَ خَلْقُهُ من مكونات التُـرَاب و عن طريقة الأغذية الخاصة الـتي تحضرها الملائكة لمريم عليها السلام.. فقد كانت مريم عليها السلام مولودة وِفْقَ قَانُوْنِ الْزَّوْجِيَّةِ، ثُمَّ خُلِقَ منها عِيْسَىْ u خَلْقَاً خَاصَّاً عَلَىَ خِلافِ قَانُوْنَ الْزَّوْجِيَّةِ من غير أب.
ثالثاً: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الأَبْصَارَ وَ الأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ} السجدة: ٧ – ٩، نُلاحِظُ فِيْ تَسَلْسُلِ الأَحْدَاثِ فِيْ هَذِهِ الآَيَةِ الآتِيَ:
– الْطِّيْنُ كَانَ بِدَايَةُ الْخَلْقِ للبشر من خلية واحدة إلى أن أصبح بشراً و هذا أصل الإنسان، ثُمَّ كَانَ الْتَّنَاسُلُ وِفْقَ قَانُوْنِ الْزَّوْجِيَّةِ من ماء مهين.
– حَرْفُ (ثُمَّ) يُشِيْرُ إِلَىَ الْتَرْتِيبِ و الْتَّرَاخِيَ فِيْ الْزَّمَنِ، و هَذَا يَعْنـِيْ أَنَّ الْتَسَلْسُلَ عَبْـرَ الْتَـزَاوُجِ قَدْ سَبَقَ عَمَلِيَّةَ الْتَّسْوِيَةِ و الْنَّفْخِ مِنْ روْحِ الله، أَيْ سَبَقَ وُجُوْدِ آَدَمَ u و ذلك هو المرسوم في الأجداث أو الكروموسومات و هذا دليل على أن آدم ليس هو أبو البشر.
– ثُمَّ كَانَتْ عَمَلِيَّةَ الْتَّسْوِيَةَ و الْنَّفْخَ {وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} الحجر:٢٨ – ٢٩، تَنُصُ أَيْضاً عَلَىَ أَنَّ الْتَّسْوِيَةَ و الْنَّفْخَ كَانَ لآَدَمَ u {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ص: ٧٢ كبداية للإنسانية و هي بعد التسوية و النفخ.
رابعاً: فِيْ سُوْرَةِ الأَعْرَافِ يَقُوْلُ I {وَ لَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} الأعراف: ١١، نُلاحِظُ فِيْ هَذَا الْتَسَلْسُلِ أَنَّهُ:
– اسْتِخْدَامَ الْحَرْفَ ثُمَّ الْدَّالِ عَلَىَ الْتَّرْتِيْبِ مَعَ التَّرَاخِيْ فِيْ الْزَّمَنِ بَيْنَ الْخَلِقِ و الْتَّصْوِيْرِ.
– خَلَقَ الله U خلْقَنا ببناء الخريطة الجينية ثُمَّ تَمَّ تَصْوِيْرَهِ بِالْصُّوَرَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْحَالِيَّةِ.
– نَصَّتِ الآَيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَىَ أَنَّ خَلَقَ آَدَمَ u هُو خَلْقٌ لِبَاقِيْ الناس بِقَوْلِهِ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ، و هَذَا مَفْهُوْمٌ لأَنَّنَا نَسْلُ آَدَمَ u، أَيْ صُوْرَةٌ مُكَرَّرَةٌ عَنْهُ و مِنْهُ، و مِنْ هُنَا نفهَمْ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ اسْتِخْدَامَ الْفَعَلُ الْمُضَارِعُ (فَيَكُوْنَ) الْدَّالُّ عَلَىَ الاسْتِمْرَارِيّةٌ فِيْ قَوْلِهِ I {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} آل عمران:٥٩.
–فِيْ قَوْلِهِ I {وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} نوح: ١٧، و هَذَا مُشْعِرٌ بأن مكونات الإنسان كما هو الهرم الغذائي مبني على النبات و الذي أصله تراب الأرض.
إِذَنْ فَالإِنْسَانُ كَائِنٌ مُكَرَّمٌ أُسْجِدتْ لَهُ الْمَلائِكَةُ، و سُخِّرَتْ لهُ الْسَّمَاوَاتِ و الأَرْضَ، و خُلِقَ خَلْقَاً خَاصَّاً مُنْبَتَّاً عَمَّا سَبَقَهُ مَنْ مَخْلُوْقَاتٍ، و يَمِيْلُ الْمُسْلِمُوْنَ و الْنَّصَارَىَ و الْيَهُودُ إِلَىَ الاعْتِقَادِ بِأَنَّ آَدَمَ u قَدْ خُلِقَ مُبَاشَرَةً مِنْ الْتُّـرَابِ، لِذَا نَجِدُهُمْ يَرْفُضُوْنَ بِشِدَّةٍ كُلِّ الْمَزَاعِمِ الَّتـِيْ تَقُوْلُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُوْنَ لِلإِنْسَانِ عَلاقَةٌ خَلْقِيَّةٌ بِكَائِنَاتِ دُنْيَا أَو فِيْمَا يُعْرَفُ بِنَظَرِيَّةِ الْتَّطَوُّرِ لدارُوِينَ.
أمّا في هذا العصر.. فأستطيع أن أقول إن مجموعة من البشر تجوب الأرض (و هم متوحدون أيْ من جسد و نفس فقط).. تأكل و تشرب و تتكاثر.. كقطيع حيوانات، و يصطفي الحق U آدم وزوجه (قد يكونا اثنان آدم و زوجته)، أو (آدم و مجموعة مِن صِنفه) يسوقهما إلى جنة الاختبار (في المغمس و هو وادي في مكة المكرمة و تحديد هذا المكان بسبب وجود الكعبة التـي بنتها الملائكة سكن لآدم بعد خروجه من الجنة كما سنرى).. و قد أوحى الله لملائكته عبـر جبريل u أنّ مرحلة بناء هذا الكائن الحيّ اكتملت و استوت.. و حانت ساعة الاصطفاء.. و هو جاهز الآن لنفخ الروح.. حيث قال I {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ص: ٧٢.. و تساءلت الملائكة كيف يكون هذا الكائن البشريّ خليفةً!.. و هم يرونه يُفسدُ و يسفكُ الدماء كعادة الحيوانات الأخرى و الـتي منهم (البشر) البقية الباقية خارج جنة الاختبار {وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} البقرة: ٣٠.. و هؤلاء الملائكة المختارين للسجود.. هم الذين سوف يقومون بخدمة هذا المخلوق.. و حفظ ذريته و تسجيل أعمالهم.. و لم يكونوا من الملائكة العالين كجبريل و ميكائيل و إسرافيل و حملة العرش عليهم السلام.. {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} ص: ٧٥.. و كان ضمن الفريق المطلوب منهم السجود كأحد أفراد الجن و هو إبليس {وَ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ…} الكهف: ٥٠.. و حين حانت ساعة الصفر.. و اجتمعت الملائكة و إبليس معهم.. نفخ جبريل u في آدم (الكائن الحيّ) الروح.. و بعد دخول الروح إلى جسد ونفس آدم أصبحت عنده القدرة على الكلام و الوصف و التصنيف و ربط المشخصات بالأسماء.. انتبه هذه الصفة ليست في النفس.. لكنها أمر برمجة جديد.. و الروح هي ليست مادة و لا حقلًا.. لكنها (شفرة برمجية لا نعلم كنهها) من عالم الأمر.. إلحظ أنّ النفس أصلاً يوجد ضمنها معرفة الفجور و التقوى in Built؛ و كذلك معرفة وصول الرضيع إلى ثدي أمه و الأكل و الشرب و المشي و غيرها من الفطرة.. لكن الكلام و البيان هي من مميزات عالم الأمر الذي منه الروح.
لهذا تمّ عرض شخصيات أمام آدم (الفريق الذين كانوا معه من البشر و أصبحوا ناساً بعد النفخ).. و طلب جبريل u من الملائكة أسماء هذه الشخصيات، فلم يعرفوها!! و طَلَب جبريل u من آدم أنْ يذكر أسماء هذه الشخصيات و أن ينطق بها (انظر سورة البقرة).. و هذه شخصيات كانت مغيّبة عن الملائكة.. فذكرها لهم.. و هذا هو النجاح في هذه المرحلة.. الخلافة.. و هنا أوحى الله إلى الملائكة {قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ أَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} البقرة: ٣٣.. و تم تتويج هذا النجاح بالأمر بسجود مجموعة الملائكة المكلفين و إبليس {وَ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} البقرة: ٣٤، و قد عرفنا من هو إبليس!!
و مَعَ هَذَا فَاللَّهُ U يَتَفَضَّلُ عَلَىَ الإنْسَانِيّةِ بِأَنْ عَلَّمَ أَبَاهُمْ آَدَمَ u {وَ عَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} البقرة: ٣١، فَإِذَا أَخَذْنَا بِظَاهِرِ الْنَّصِّ الْقُرْآنِيِّ الْكَرِيمِ يِمْكِنْ أَنْ نَّقُوْلَ إنَّ الأَسْمَاءَ فِيْ هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْجَلَيْلَةِ كَانَتْ لِمُسَمَّيَاتٍ عَاقِلَةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَىْ فِيْ حَقِّ هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ: “عَرَضَهُمْ.. هَؤُلاءِ.. بِأَسْمَائِهِمْ“، أَيْ أَنَّ آَدَمَ u قَدْ تَعَلَّمَ كُلَّ أَسْمَاءِ الْمُسَمَّيَاتِ الْعَاقِلَةِ (الفريق الذي معه)، و الْمَقْصُوْدُ هُنَا قَابِلِيَّةَ الْتَعَلُّمِ و الأَدَاءَ لَدَىَ آَدَمُ u، أَيْ الاسْتِعْدَادُ جَسَدِيّاً و عَقْلِيَّاً و نَفْسِيّاً، و يَبْدُو أَنَّ ذَلِكَ لا يَتَوَفَّرَ لِلْمَلائِكَةِ فِيْ أَصْلِ فِطْرَتِهِمْ {قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا أِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} البقرة: ٣٢.
و نَسْتَدِلُّ مِنْ قَوْلِهِ I {وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}البقرة: ٣٠، أَنَّ هُنَاكَ حَالَة البشرية التـي كَانَتْ قَبْلَ آَدَمَ u و التـي قَاسَ الْمَلائِكَةُ عَلَيْهَا فَظَنُّوا أَنَّ آَدَمَ سَيَطْغَى فِيْ الأَرْضِ، حَيْثُ كَلِمَةُ يُفْسِدُ و يَسْفِكُ و الْدِّمَاءَ عَرَفَتْهَا الْمَلائِكَةُ مِنْ حَيَاةِ البشر السَابِقَة، فَالْجَانُ مَّثَلاً قَدْ خُلِقَ قَبْلَ الإِنْسَانَ {وَ الْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} الحجر: ٢٧.
و مِنّ هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْجَلَيْلَةِ أَيْضاً نَتَعَلَّمُ أَنَّ الْعِبَادَةَ هِيَ طَاعَةُ أَوَامِرَ الله و اجْتِنَابِ نَوَاهِيْهِ {وَ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} البقرة: ٣٤، فَنَحْنُ عِنْدَمَا نَذْهَبُ إِلَىَ الْحَجِّ فَإِنَّنَا نُقَبِّلُ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ فِيْ الْكَعْبَةِ، و نَسْجُدَ أَمَامَ بَيْتِ الله الْكَعْبَةِ الْمَبْنِيَّةِ مِنْ الْحَجَرِ، و نَرْجِمُ الْحَجْرَ الَّذِيْ يُمَثِّلُ إِبْلِيْسَ فِيْ مِنَـى (الْشَّاخِصُ)، فَنُقَبِّلُ حَجَرَاً و نَرْجِمُ حَجَرَاً، فَالْمَلائِكَةُ هُنَا لَمْ يَسْجُدُوْا لآِدَمَ سُجُوْدُ عِبَادْةٍ و لَكِنَّهُمْ سَجَدُوْا لأَمْرِ الله بِالْسُّجُودِ لآَدَمِ، و فَرْقٌ كَبِيـْرٌ بَيْنَ الْسُّجُودِ لِشَيْءٍ و بَيْنَ الْسُّجُودِ لأَمْرِ الله I، فَهَذَا لا يُعْتَبَـرُ خُرُوجَاً عَلَىَ الْمَنْهَجِ الأَسَاسِ الَّذِيْ هُو طَاعَةُ الله، فَسَجَدَ لآَدَمِ u الْمَلائِكَةُ الَّذِيْنَ لَهُمْ مُهِمَّةٌ مَعَهُ أَوْضَحَهَا الله {وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} الانفطار:١٠ -١٢، {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ق: ١٨، {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً} النازعات: ٥، و الأَمْرُ بِالْسُّجُودِ لَمْ يَشْمَلْ أُوْلَئِكَ الْمَلائِكَةَ الْعَالِيْنَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ و حُرَّاسِ الْسَّمَاءِ و غَيْـرِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَتْ لَهُمْ مُهِمَّةٌ مَعَ الإِنْسَانِ، و عِنْدَمَا رَفَضَ إِبْلِيْسُ الأَمْرَ بِالْسُّجُودِ قَالَ لَهُ الله {قَالَ ياإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} ص: ٧٥، أَيْ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ الْمَلائِكَةِ الْعَالِيْنَ الَّذِيْنَ لَمْ يَشَمَلَهُمْ أَمْرُ الْسُّجُودِ و الاسْتِفْهَامُ هُنَا إِنْكَارِيّ، إِذًا فَأَمْرُ الْسُّجُودِ لآَدَمِ كَأَمْرِ الله لَنَا بِالْسُّجُودِ إِلَىَ الْقِبْلَةِ فِيْ الصَّلاةِ، فَنَحْنُ لا نَسْجُدُ لِلْقِبْلَةِ ذَاتِهَا و لَكِنَّنَا نَسْجُدُ لأَمْرِ الله بِالْسُّجُودِ إِلَىَ الْقِبْلَةِ.
وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا.. انظر سورة نوح 4-10.
وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ.. جعل الله في تكوين التربة من الأحياء الدقيقة ما تتكافل جميعها في صناعة الحياة النباتية و حماية الحياة النباتية و حماية الحياة البشرية على وجه الكرة الأرضية، فحين تتفجر السحب إيذاناً باقتراب ساعة الخيـر و تبدأ تلقي على الأرض (الجافة) خيراتها بأمر ربها.
السر يكمن في بكتيريا الإكتينومايسيتات (ACTINOMYCETE) و عائلتها.. هذه البكتيريا الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة تتواجد (رائحتها أو تفاعلاتها) دائماً في التربة الرطبة.. و لعلنا نجد أمثلتها حينما نحفر بأيدينا في باطن الأرض (30 سم).. فنجد الأرض الرطبة و نشتم رائحة كمثل رائحة المطر! هذه البكتيريا تنتشر رائحتها حينما يصاب أعلى التربة بجفاف طويل يعقبه هطول الأمطار.. فتبدأ هذه البكتيريا بأنواعها (FRANKIA – ACTINOPLANES – STREPTOMYCES) و هذه الأنواع تتفرع لأنواع كثيـرة، تقوم بإطلاق الجراثيم المحفزة و المخصبة للتربة و المكمّلة مع عائلة الأحياء الدقيقة الأخرى لدورة حياة التربة.. إمّا بسبب تساقط قطرات المطر و إنتاج هذه القطرات طاقة حركية (اهتزازية) تدفع بمثل هذه البكتيريا و تفاعلاتها إلى الأعلى، أو بسبب الرياح حين تهب فتنقلها معها، أو بسبب بخار مياه الأمطار المنطلق من الأرض الحارة عند سقوط الأمطار.. علماً بأن أشد فتـرات هذه الرائحة تكمن في الأرض شديدة الجفاف ومرتفعة الحرارة.
{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)} الأعراف : 11 – 18
يُسْتَفَادُ مِنْ رَدِّ إِبْلِيْسِ الْوَارِدُ فِيْ كِتَابِ الله {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} الأعراف:١٦ -١٧، أَنَّ لِلإِنْسَانِ سِتَّ جِهَاتٍ (الْيَمِيْنُ و الْشِّمَالُ و الأمامُ و الْخَلْفُ و الأَعْلَىَ و الأَسْفَلُ) و إِبْلِيْسُ لَمْ يَذْكُرُ إِلاَّ أَرْبَعَ جِهَاتٍ فَقَطْ الَّتـِيْ يَأْتِيَ مِنْهَا الإِغْوَاءُ، أَمَّا الْجِهَتَانِ الأَخِيْرَتَانِ و هُمَا الأَعْلَىَ و الأَسْفلٍ فَلا يَسْتَطِيْعُ إِبْلِيْسُ أَنْ يَقْتَـرِبَ مِنْهُمَا، لأَنَّ الأَسْفَلَ مَكَانُ الْسُّجُودِ و الْخُضُوْعِ لِلَّهِ و الأَعْلَىَ مَكَانُ صُعُوْدُ الصَّلاةِ و الْدُّعَاءِ إِلَىَ الله.
ثُمَّ بَاشَرَ إِبْلِيْسُ عَمَلَهْ فِيْ إِغْوَاءِ آَدَمَ مُبَاشَرَةً {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُوريَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَ قَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَو تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} الأعراف: ٢٠، و وَسْوَسَةُ الْشَّيْطَانِ تَتِمُّ بِكَلامٍ يُطَابِقُ شَفْرَتُهُ شَفْرَةَ حَدِيْثِ الْنَّفْسِ، حَيْثُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ شَفْرَةٍ خَاصَّةٍ تُعْتَبَـرُ صِفَةً فَرِيْدَةً، مِثْلُ بَصْمَةِ الأَنَامِلِ و بَصْمَةِ الْعِينِ و الشَفْرةُ الْوُرَّاثِيَّةِ و الْرَّائِحَةِ و الْصَّوْتِ، فَالْوَسْوَسةُ هِيَ كَلامُ الْشَّيْطَانِ الْكَاذِبِ لِتَزْيِيْنِ الْمَعْصِيَّةِ و لا يَهُمُّ الْوَسْوَاسُ أَيَّ مَعْصِيَةٍ ارْتَكَبْتَ.. إِنَّمَا يُرِيْدُكَ عَاصِيَاً عَلَىَ أَيِّ وَجْهٍ.. بَيْنَمَا الْنَفْسُ عِنْدَمَا تُحَدِّثُكَ بِالْمَعْصِيَةِ فَهِيَ تُرِيْدُ شَيْئاً بِذَاتِهِ.. و هَذَا هُو الْفَرْقُ بَيْنَ وَسْوَسةِ الْشَّيْطَانِ و حَدِيْثِ الْنَّفْسِ، {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلَى} طه: ١٢٠، و هُنَا يَلْعَبُ إبْلِيسُ لِعْبَةً.. فِي بَحْثِ الإِنْسانِ عَنِ الْخُلُودِ.. و لَكِنْ هَذِهِ الْمُحَاوَلَةِ لَمْ تُفْلِحْ فَأَعَادَ الْكَرَّةَ و قَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الْشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُوْنَا مَلَكَيْنِ أَو تَكُوْنَا مِنَ الْخَالِدِيْنَ، أَيْ إِنَّ الْمَنْعَ مِنَ الشَّجَرَةِ كَانَ مَنْعٌ لَكُمَا مِنَ الْخُلُودِ.. ثُمَّ أُكَّدَّ عَلَىَ كَلامِهِ بِالْقَسَمِ لَهُمَا {وَ قَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} الأعراف: ٢١، و فَاتَ عَلَىَ آَدَمَ أَنْ لَو كَانَ هَذَا الْكَلامُ صَحِيْحاً لأَكَلَ إِبْلِيْسُ نَفْسَهُ مِنْ الْشَّجَرَةِ و لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْحَقِّ أَنْ يُمْهِلَهُ إِلَىَ يَوْمِ الْدِّيِنِ.
إذاً إِبْلِيسٌ مَنْ اَلَجِنِ و خُلِقَ مِنْ النَّارِ، و عِنْدَ حُضُورِهِ فِي جنة الاخْتِبَارِ رَفَضَ السُجُودُ مِنْ مَبْدَأ الرَفْضِ و التَعَالِي حَيْثُ لَمْ يَسْجُدْ.. بَيْنَمَا سَجَدَ كُلُّ المَلائِكَةِ المُكَلَّفِينَ بِخِدْمَةِ آَدَمَ و ذُرِّيَتِهِ.. و طَلَبَ تَأْخِيرَهُ إِلَى يَوْمِ البَعْثِ.. لَكِنَّ الحَقَّ U أَعْطَاهُ و أَنْظَرَهُ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ.. {قَالَ رَبّ ِ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} ص: ٧٩ – ٨١ هَو وَقْتٌ مَعْلُومٌ بِالنِّسْبَةِ لِلبَشَرِ و ظَاهِر لَهُمْ.. و هُو غَيـْرُ يَوْمِ القِيَامَةِ.. و يَوْمُ البَعْثِ.. و هُنَا نَسْي أَبُونَا آدَمُ فَضْلّ و غَوَى فَهَوَى.
ضلّ: الضلال غيـر المقصود {وَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَ قَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الأنعام: ٧٤، {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى} النجم: ٢.
غوى: الغواية خطأ في تقدير الأمور ومعرفتها.. و هي خلاف الرشد وظلام الأمر و فساد الشيء.
هوى: الهوى الانزلاق {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ…} ص: ٢٦، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَ لَو عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَو الْوَالِدَيْنِ وَ الأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَو فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَو تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} النساء: ١٣٥.
و سَقَطَ آَدُمُ فِيْ مَعْصِيَةِ الْغَفْلَةِ و الْنِّسْيَانِ {وَ لَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} طه: ١١٥، و الْنِّسْيَانُ مَعْصِيَةٌ {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} طه: ١٢١، فَالنِّسْيَانُ كَانَ مَعْصِيَةً فِيْ الأُمَمِ الْسَّابِقَةِ فَقَدْ قَالَ الْنَّبِيُّ ﷺ “رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطأُ و النِّسْيَانُ و مَا اسْتُكرِهُوا عَلَيْهِ “ صحيح.
ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ.. هنا حدد إبليس كيف ينفذّ خطته.. و هو بصيغته الطاقية {وَ الْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} الحجر: 27.. {وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} الرحمن: 15.. له القدرة على الإحاطة بالإنسان من الجهات الأربع و كذلك النفاذ من خلال جسده (كما هو حال الموجات الكهرومغناطيسية و ليس له سلطان مادي علينا).. {.. إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُو وَ قَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ..} الأعراف: 27.. و إبليس هذا سوف يُعطَى الصلاحية يوماً مِن الأيام.. اليوم المعلوم و يخرج على البشر و يتشكّل ليكون المسيح الدجال.. فيستخدم العالم الافتراضي كما ورد في الأحاديث النبوية لإغواء الناس.. ثم ينزل عيسى u ليَقْتُلَهُ.. و حتى ذلك الوقت يكون إبليس و ذريته أمضوا أكثر من 10.000سنة في إغواء البشر. (راجع سورة البقرة والنساء).
{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)} الأعراف : 19 – 27
بعد النجاح الذي تحقق لأبونا آدم u و حصل السجود له و لزوجِه.. فهم لا يرون إبليس.. حيث يرانا هو و قبيلُهُ من حيث لا نراهم كطاقة تسير بسرعة الضوء بتردد غـير معروف {وَ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ..} النمل: 10.. و ليس له علينا سلطان إلاّ الوسوسة.. بهذا صدر الأمر من الله I عبر جبريل u {وَ قُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَ لا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} البقرة: ٣٥.. أيْ في كل مكان من الجنة ستجدون رغداً.. و هنا لفتة بسيطة بالمقارنة بين ما وجّه به الخالق بـني إسرائيل في التّيه فقال لهم {وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا...} البقرة: ٥٨.. يعـني فقط في أماكن محددة تجدون الرغد.. و على العكس في الجنة يوجد الرغد في كل مكان.
و لقد استثنى الخالق فقط شجرة واحدة (لا نعرف ما هي.. إلاّ أنّ Apple وضعت التفاحة المقطومة شعاراً لها، حيث قالوا إنّ هذه تفاحة آدم التـي أغرته و أخرجته مِن الجنة).. و هذا الاختبار من الخالق ليكشف (و هو بكلّ شيء عليم) عن مكونات النفس البشرية.. من حيث حب الخلود.. حيث إنّ النفس محمّلة ببيانات الفجور و التقوى.. إلاّ أنه مِن سوءتها حب الخلود.. فما لبث إبليس أنْ وسوس لأبونا u بما يحب.. فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَو تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ.. و في السعي للخلود ذاقا الشجرةَ و شعرا بالذنب و المعصية لمخالفة الأمر.. و ما كان منهما إلاّ أنْ يُخفيا أنفسهم.. و هذا التصرف هو تصرف طفولي كما نراه نحن في أطفالنا.. إلاّ أنه بالنسبة لآدم و زوجِه كان تصرفًا طبيعيًا.. حيث أعمارهم بمقياس النفخ كانت صغيرة.. و هنا بدى و ظهر لهما سوأتهما (ذنبهما) و خطأهما بالعصيان و أخذا يتخفّيا و يسقطان عليهما ورق شجر الجنة.. فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ طَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ نَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُو مُبِينٌ.. و قد وجّهنا الخالق أنْ لا نكون مِثلَهم.. فقال {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشًا وَ لِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} الأعراف: ٢٦.. و ريشاً أيْ غِـنى و لباس التقوى خيـر.. هو اللباس الذي يجب علينا عدم نزعه.. و أنْ نميل إلى طلب الخلود..
إلحظ أنّ العورة شيء مادي و هي ليست ذنبًا، بل هي أداة التكاثر.. لا أكثـر و لا أقل.. و البشر بطبيعة خلقهم المقتضية بظهور عورتهم.. و من السلوك الإنساني (الفطرة) سِتْرها.. و ستر باقي الجسد أيضاً.. لهذا لم تكن هي نقطة الاختبار.. و بعد المعصية صدر الأمر الإلهـي بخروج آدم و زوجه من جنة الاختبار إلى الأرض الواسعة.. و قد بنَت لهم الملائكة فيها بيتاً و هو الكعبة المشرّفة.. فسكنها آدمُ و زوجه و بدأت عملية التناسل و أصبح كل مولود يُولد تكون الروح جُزءًا منه بالإضافة إلى النفس و الجسد.. و إذا غابت الروح أصبح المولود بشراً متوحِداً.. و يكون النوم راحة للجسد فقط.
الخلاصة: إنّ الإنسان يأتي إلى الدنيا بجسد و نفس و روح (مكونات الإنسان بينما البشر فقط جسد و نفس).. لا يعلم شيئاً ثم يبدأ في اكتساب العلوم و المعارف من خلال حواس الجسد.. فيتعلّم أموراً من عالَم الشهادة {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَو السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل: ٧٩.. و أموراً مِن عالَم الغيب {وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَو هُو أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} النحل: ٧٧.. و يتذكر العهد في عالم الذّر(الحقول) {وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} الأعراف: ١٧٢.. و من خلال الحواس {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ علَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فصلت: ٥٣.. لهذا بعد مفارقة الروح و النفس لهذا الجسد.. يتم معامَلته بتكريم و إعداده للحياة الآخرة.. حيث يتم تغسيلُه و تكفينُه و الصلاة عليه.. و يُدعى للمتوفّى بالرحمةِ في حضورِ الجسد.. ثم يُسجّى موجهاً للقبلة.
الآن.. قد أثبتت الأبحاث العلمية في تجارب على العُبّاد و الرُهبان بقدرة أجسادهم على التواصل مع عالَم الغيب.. كما أثبتت السيرة ثِقَل الوحي على جسد المصطفى ﷺ عند تواصله مع عالم الغيب.
ما شاء الله
الله يزيدك من فضله ….
ما شاء الله تبارك الرحمن
الله يزيدك من فضله ….
مقالة اكثر من جميله وشيقه