{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَ لَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَ لَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَ أَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَ أَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَ لَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَ لَا شَهِيدٌ وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} البقرة: ٢82 |
الشهادة بصفة عامة تعني تسجيل موقف يترتب عليه إصدار قرار و يتم اتخاذه بخصوص أمرٍ معين.. يعني إن قررت و سجّلت موقف و اتخذت عليه قرار فأنت شاهد، و إذا طلبت شاهد معك في موضوعٍ ما، فانت تبحث عن الشخص الذي سجّل موقف و اتخذ قرار، بناءً عليه سيخدم الموضوع، و لا يشترط على الشاهد أن يكون حاضراً.
مفهوم الشهادة و الاشتقاقات منه.. و هنا قاعدة فرعية اسمها (الجموع المختلفة للمفرد الواحد) و هذه القاعدة اختص بها الكتاب الكريم دون علوم اللغة العربية، ففي اللغة العربية نقول جمع مؤنث سالم، جمع مذكر سالم، أو جمع تكسير.. فمثلاً نفهم أن الأعين و العيون معنى واحد لجمع كلمة عين، لكن الكتاب الكريم يقول غيـر ذلك، و منها مفهوم الشهادة، حيث يوجد في الكتاب الكريم (الشهداء) و (الشهود) و (الشاهدين) و (الأشهاد)، و كلها مفردها (شاهد) أو (شهيد).. و بالتالي لا بد من معرفة الفرق بين (الشاهد) و (الشهيد)، و على ماذا يُجمع مفرد (شاهد) و (شهيد)ـ انظر الصورة المرفقة.
فعل شَهِدَ له اسمين فاعل شَهِيدٌ و شَاهِدٌ..
شَهِيدٌ هو من كان حاضرًا بسمع و بصر {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ} ق : 37.. و له صيغتين جمع.. شُهُودٌ و شَاهِدِينَ.
شُهُودٌ تطلق أثناء وقوع الحدث و شَاهِدِينَ تطلق بعد وقوع الحدث الذي حضروه.
شَاهِدٌ لم يحضر و إنما بعلم و خبرة يقدم الشهادة، و تجمع على الشُّهَدَاءِ
الْأَشْهَادُ .. الجمع العام لكل من قدّم شهادة فهو من الْأَشْهَادُ و تأتي دائما وصفاً في اليوم الآخر.
لهذا سيتم توضيح المصطلحات الستة في الكتاب الكريم كالتالي:
1- شَهِيدٌ.. وردت 34 مرة في الكتاب الكريم.. و تعني أن الشهيد هو من كان حاضرًا بسمع و بصر و منها:
· {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَ إِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} الأنعام : 19
· {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} آل عمران : 98.
· {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} البروج : 9
· {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} المجادلة : 6
· {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} الفتح : 28
· {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَ كَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} العنكبوت : 52
· {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فصلت : 53
· {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} المائدة : 117
شَهِيدٌ.. تأتي وصفاً لله I.. .. لأن الله معنا بالسمع و البصر، و معنا في كل حين و لحظة وَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.. و يتضح هذا المفهوم في الحوار في آخر صورة المائدة {وَ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَ لَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} المائدة : 116، ثم يؤكد عيسى u أنه هو شَهِيدًا مادام فيهم بالسمع و البصر {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} المائدة : 117، {وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} النساء : 159، بينما وصف الله I بالشاهد نقصٌ في حق الله I (لماذا؟).
جمع كلمة شهيد هي شُهُودًا و شَاهِدِينَ ، الشهود و الشاهدين يجب أن يكونوا حاضرين أثناء وقوع الحدث، و الفرق أن شُهُودًا وصف تطلق على الجماعة أثناء وقوع الحدث نفسه يعني أثناء الحدث هم شُهُودًا ، و لكن عندما ينصرفوا و ينتهي الحدث يصبحون شَاهِدِينَ عليه. مثلاً من حضر مسابقة و هي حيّة فهم شُهُودًا، أما بعد أن ينتهي الحفل و ينصرفوا إلى منازلهم نسميهم شَاهِدِينَ.
2- شُهُودٌ.. وردت 3 مرات في الكتاب الكريم و تعني الحضور بالسمع و البصر لصيغة الجمع أثناء وقوع الحدث نفسه، و هي الآيات التالية :
· {وَ مَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَ مَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَ لَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَ مَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ وَ لَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} يونس : 61، المتكلم هنا هو الله إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ، و شُهُودًا بصيغة الجمع حيث إن الحق I يتكلم عن نفسه بصيغة الجمع.
·{النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَ هُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} البروج : 5 – 7،فهم حاضرين عذاب أصحاب الأخدود، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ أثناء وقوع تعذيبهم بالنار.
·{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَ جَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَ بَنِينَ شُهُودًا} المدثر : 11 – 13، أياً كان المقصود فالشاهد هنا بَنِينَ شُهُودًا، فالبنين هنا كانوا شاهدين عليه بنعم الله I عليه، فهم حضور و هم أولاده و شهود عليه.
3- الشَّاهِدِينَ وردت 6 مرات في الكتاب الكريم و تقتضي حضور الجمع الحدث سماعاً و بصراً و لكن تطلق على هذا الجمع الذي شهِد الحدث سابقاً، و لكن بعد انقضاء الحدث.
·{وَ مَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَ مَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} القصص : 44، وَ مَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ.. يعني أنت لم تسجل حضورك عندما قضينا إلى موسى الأمر، لكي تكون من الشاهدين.
·{قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَ نَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} المائدة:113، نَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ يعني المائدة نأكل منها و نسجل لك موقف على أننا كنا حاضرين، و قس على هذا.
· {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} آل عمران : 53.
· {وَ إِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} المائدة : 83.
· {قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} الأنبياء : 56.
· {وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} آل عمران : 81.
4- شَاهِدٌ.. وردت 7 مرات في الكتاب الكريم، و هي اسم فاعل للفعل شَهِدَ، و تقتضي أن الشاهد لم يحضر الحدث و إنما بعلم و خبـرة يقدم الشهادة، و الدليل من قصة يوسف، حيث لم يكن الشاهد حاضراً فيما وقع بين يوسف و امرأة العزيز {وَ اسْتَبَقَا الْبَابَ وَ قَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَ أَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} يوسف : 25، فهذا الشاهد لو كان حاضراً للحدث لما قدّم تقريراً.. لكن بالتحري و بناءً على خبرته قال {… إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَ هُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} يوسف : 26 – 27، فإذا كان قدّ من الخلف فهو هارب و هي قابضة فيه أو إذا قدّ من الأمام فهي تدافع عن نفسها.. و كل هذا دليل على أنّ الشاهد لم يكن حاضراً.
· {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَ هُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} يوسف : 26.
· {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ كَفَرْتُمْ بِهِ وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَ اسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الأحقاف : 10، و الشاهد يقتضي توفر العلم عنده من بني إسرائيل للشهادة.
· {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَ رَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} هود : 17.
· {وَ شَاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ} البروج : 3، و هنا تظهر شهادة العلماء و ذوي الاختصاص ببروج السماء.
· {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} المزمل : 15.
·{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَ مُبَشِّرًا وَ نَذِيرًا} الأحزاب : 45، الرسول محمد e هو شاهداً علينا بما علّمه الله I، و هو شاهد على أمته كلها.
· {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَ مُبَشِّرًا وَ نَذِيرًا} الفتح : 8.
· {وَ جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَ آتُوا الزَّكَاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ} الحج : 78، النبي e و في حياته مع الصحابة كان شَاهِدًا و شَهِيداً عليهم بعلم و خبـرة و حضور، و يتضح هذا من قولة تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيّ، أمّا النبي e فهو علينا شَاهِدًا فقط، فبعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى أصبح بالنسبة لنا شَاهِدًا، بينما الرسول e علينا شَهِيداً ببلاغِه للرسالة و هو الكتاب الكريم الذي بين أيدينا.
· {وَ كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَ مَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} البقرة : 143.
5- شُهَدَاء.. وردت 19 مرات في الكتاب الكريم، و هي جمع كلمة شَاهِدٌ و هم الذين يسجلون موقفاً و يتخذون قراراً بشهادة الحق على أمرٍ لهم فيه علم و حظوة.. لهذا وصفهم الحق الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ.. فهم كل من كان صادق في مهنته و يقدم شهادة حقيقية فهو من الشُّهَدَاءِ.
· {وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} النساء : 69.
· {وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَ وُضِعَ الْكِتَابُ وَ جِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لَا يُظْلَمُونَ} الزمر : 69.
· {وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} الحديد : 19.
· {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} النساء : 135.
· {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} المائدة : 8.
· {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَ اللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} آل عمران : 140.
كما أن كلمة الشُّهَدَاءِ في الكتاب الكريم جاءت في التحقيق في جرائم العرض و الشرف و رمي المحصنات.. لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ.. فهنا لا يشترط من الأربعة أنهم حضروا الواقعة (و هذا أمر شبه مستحيل)، و لكن يشترط أن يكون ذو علم، على سبيل المثال الدكتور في المعمل أو التحاليل و فاحص الخرائط الجينية DNA كلهم شهداء.. كلٌ في مجاله يسجل موقف قطعي في الموضوع و تقرير فهو شاهد.
· {وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَ لَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور : 4.
· {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} النور : 13.
· {وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} النور : 6.
على سبيل المثال الطبيب الشرعي قد يشهد في جريمة قتل و هو لم يحضرها.. لكنه يستطيع أن يحدد إن كان سبب الموت هبوط حاد في الدورة الدموية أو تهشم في الجمجمة أو انسداد في الشريان.. بناءً على تحليل الجثة، لكنه لم يكن حاضراً على جريمة القتل، فيقدّم شهادة (تقرير) و يتخذ قرار على أن الميت مات بآلة حادة مثلاً أو مات بعيار ناري.. و اسمه (شَاهِدٌ).
كما يطلب الحق I من الناس أن يأتوا بأصحاب العلوم و الفنون و العلوم و التاريخ ليقدموا شهادتهم :
· {وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} البقرة : 23.
· {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} البقرة : 133.
·{وَ كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ …} البقرة : 143، و بما علمنا الله I في كتابه الكريم، نحن شهداء على الناس بعلم.
·{… وَ تَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ …} الحج : 78، فنحن نشهد يوم القيامة على قوم نوح (مثلاً)أنهم كذبوه، وفق العلم و الخبـرة التي آتانا الله I، {وَ إِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَ اسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} نوح : 7، و هذا مما جاءنا في الكتاب الكريم تشهد الأمة المحمدية به.
كما طلب من أهل العلم و الراسخين في العلم بتقديم شهادتهم في قوله تعالى:
· {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَ مَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} آل عمران : 99
· {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ كَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ وَ لَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} المائدة : 44
· {وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الأنعام : 144
· {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَ لَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ هُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} الأنعام : 150
6- الْأَشْهَادُ.. وردت مرتين في الكتاب الكريم، و هي جمع الجمع لشاهدين و شهود و شهداء، فكل من سجل موقف و اتخذ قراراً بشهادة سواءً كان حاضراً أو لم يحضر الحدث، و لم ترد هذه الصيغة إلا في اليوم الآخر فقط حيث يجتمع خلق الله.
· {وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَ يَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} هود : 18.
· {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} غافر : 51.
في آية الدين ورد شَهِيدٌ و شَهِيدَيْنِ و شُّهَدَاءُ.. لهذا كان فيها تفصيل كالتالي:
· {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَ لَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَ لَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَ أَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَ أَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَ لَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَ لَا شَهِيدٌ وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} البقرة : 282
في آية الدين ورد وصفين للرجل و المراءة، اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ.. امْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ، فيما يخص الرجلين اشترطت على أنهم يكونوا شَهِيدَيْنِ أيْ أن يكونا حاضرين للحدث و عملية التوقيع و هذا يتفق مع السياق و التعريف، و قد علمنا أنّ كلمة (رجل) تكون للذكر و الأنثى، فهنا لو حضر التوقيع ذكر و أنثى فهما شَهِيدَيْنِ، و ينعقد العقد بشهادتهما.
أما في حالة حضور رجل واحد فقط (ذكر أو أنثى) ففي هذه الحالة تكون الشهادة من رجل و امْرَأَتَانِ أن يكونوا كلهم الشُّهَدَاءِ.. و هي جمع شَاهِدٌ لم يحضر و إنما بعلم و خبـرة و معرفة يقدّم الشهادة.. ثم علق على هذا بقوله I أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى.. حيث إن عمل المراءة بعيد عن السوق الحقيقي، فستكون شهادتها بغيـر حضور (قد تكون مكالمة هاتفية)، فتكون شهادة البعيد بنصف شهادة الحاضر.
وَ لَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا.. فهنا جاء بالشُّهَدَاءُ بصيغة الجمع أي أنّ الشهادة الإلكترونية عن بعد تتطلب 3 شهود كحد أدنى سواء كانوا رجال أو إناث، و إن كانوا حضور يكتفى بإثنين سواء كانوا ذكور أو إناث.
و للتوضيح أيضاً.. فأنه لا توجد علاقة بين كلمة شَهِيدٌ و التقوى أو الإيمان.. فالشهيد الميت في الحرب هو شَهِيدٌ لأنه حضر هذه الحرب.. حتى و لو كان من الجهة المعادية.. لهذا يمكن القول بإن كفرة قريش ممن حضروا غزوة بدر و منهم أبو جهل مثلاً (شَهِيدٌ) لأنه كان حاضراً بسمعه و بصره و قُتل هناك.. لهذا كان الكتاب الكريم يميـز بين من قُتل دفاعاً عن الحق فأسماهم I {وَ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} آل عمران : 169، أي لَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.